المؤلف ندا أبو أحمد وهو يدور حول آفات اللسان الفحش والتفحش والبذاءة والفجور وكعادة المؤلفين يلجئون أولا لكتب اللغة عند تعريف الشىء لجأ ندا إلى تعريف الفحش والتفحش من النقل من المعاجم فقال:
“أولا: الفحش والتفحش
قال ابن منظور : “الفحش والفحشاء والفاحشة: القبيح من القول والفعل، وجمعها: الفواحش”؛ (لسان العرب: 6/ 325).
وقال الراغب : “الفحش والفحشاء: ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال”؛ (المفردات: 373)….
– وكل فحشاء ذكرت في القرآن فالمراد بها الزنا، إلا في قوله تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} فإن المراد: البخل في أداء الزكاة”؛ (الكليات: ص 674).
– وقد يأتي الفحش ويقصد به عدوان الجواب؛ كقول النبي (ص) لعائشة: ((لا تكوني فاحشة)).
..والمتفحش: هو الذي يتكلف سب الناس ويتعمده، والذي يأتي بالفاحشة المنهي عنها، والفاحش: السيئ الخلق التفاحش هو تبادل الفحش، أو إظهاره”
والفاحشة تطلق فى كتاب الله على أمرين :
الأول الذنوب وهى المنكرات وهى المظالم كما فى قوله تعالى :
“إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى”
ومن ثم هناك العديد من المواضع وليس واحد لم تأت فيه الكلمة بمعنى الزنى وفى هذا قال تعالى:
“إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن”
الثانى الزنى أيا كان نوعه وتحدث عن بواعث الفحش فقال :
– الباعث على الفحش:
يقول الغزالي كما في “الإحياء” (3/ 121):
“إن السب والفحش وبذاءة اللسان مذموم ومنهي عنه، ومصدره الخبث واللؤم، والباعث عليه إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم؛ لأن من عادتهم السب”؛ اهـ.
– وقد جاء في تفسير قوله تعالى: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} أن بعض المفسرين قال: “إن الكلمات الخبيثة تصدر من الأشخاص الخبيثين، والكلمات الطيبة تصدر من الأشخاص الطيبين؛ فالطيبون لا يصدر منهم إلا كل طيب، ولا يصدر منهم الشر، والخبيثون يصدر منهم كل شر؛ من غيبة، ونميمة، وفحش، وبذاءة، وشهادة زور … وغير ذلك من آفات اللسان”
والرجل هنا يتكلم عن الفحش فى الكلام وهو ليس كله محرما لأن الله أباح السوء من القول وهو الفحش فى حالة ظلم الفاحش وهو الساب الشاتم فقال :
” لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم “
وأما الباعث على الفحش المحرم فهو إرادة أى مشيئة الإنسان عندما تنحرف عن الحق وأما الباعث على الفحش المباح فهو الظلم أحيانا وممارسة الجماع أحيانا أخرى وأحيانا اظهار الحق فى مسألة ما كما يقول بالحلول والاتحاد فيقال له مثلا لاظهار خطأ القول طالما الأمر هكذا فإنك عندما تجامع زوجتك فإنك تجامع الله
ثم تحدث عن حكم الفحش فقال :
– حكم الفحش:
الفحش محرم، وهو من الكبائر، ويدل عليه قوله تعالى: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون * ..* قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}
– وقد ذكر ابن حجر الهيتمي في كتابه “الزواجر” (ص 152):
“أن ملازمة الشر والفحش من الكبائر”، مستدلا بقوله (ص): ((إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: من ودعه الناس اتقاء فحشه)).
واستدل أيضا بما روي في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد: ((إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا))؛ (ضعيف).”
والحديث لا يصح نسبته للنبى(ص) لمخالفته إباحة الكلام الفاحش وهو السب والشتم على الظالم كما قال تعالى:
” لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم”
واستدل بالأحاديث الآتية :
“- وقد انتشرت الأقوال والأفعال القبيحة القميئة في المجتمع الإسلامي، وظهرت بكثرة في هذا الزمان، وهذه علامة من علامات الساعة؛ فقد أخرج الإمام أحمد والحاكم عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله (ص): ((لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش، وقطيعة الرحم، وسوء المجاورة)).
– وأخرج الطبراني في “الأوسط” من حديث أنس قال: قال رسول الله (ص): ((إن من أشراط الساعة الفحش، وقطيعة الرحم، وتخوين الأمين، وائتمان الخائن)).”
والأحاديث لا تصح لأن الفاحشة تشيع فى عصور كثيرة ومنها عصر قوم لوط(ص) كما قال لهم :
أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون”
وعصرنا ملىء بكل الفواحش حتى أصبحت التشريعات تصدر لاباحتها دون أى خفاء ومع هذا لم تقم الساعة
وتحدث عن كون الفحش مكروه من الله فقال :
– والفحش خلق لا يحبه الله تعالى:
قال تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما} أي: لا يحب الله الفحش من القول، والإيذاء باللسان، إلا المظلوم؛ فإنه يباح له أن يجهر بالدعاء على ظالمه، وأن يذكره بما فيه من سوء.
– وأخرج النسائي وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (( … وإياكم والفحش؛ فإن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التفحش … ))؛ (صححه الألباني في الإرواء: 2133).
– وكما أنه سبحانه لا يحب هذا الخلق الذميم، فإنه لا يحب صاحب هذا الخلق؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن النبي (ص) قال: ((إن الله لا يحب كل فاحش متفحش))، وفي رواية: ((إن الله يبغض الفاحش المتفحش))؛ (صحيح الجامع: 1850، 1877).
وأخرج البخاري في “الأدب المفرد” عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، عن النبي (ص) قال: ((إن الله لا يحب الفاحش المتفحش، ولا الصياح في الأسواق””
وذكر أحاديث عن كون المسلم ليس لعانا ولا طعانا فقال :
– وكان ابن عمر يقول: “إن أبغض الناس إلى الله كل طعان لعان”؛ (الإحياء: 3/ 126).
– وقد جاء الإسلام يحث على حسن الخلق، وينهى عن الفحش والتفحش:
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي (ص) قال: ((ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء))؛ (قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح).”
وهذه الأحاديث تخالف كون المسلمين لعانين للكفار كما قال تعالى :
“إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين”
وقال :
“لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون”
“وعاد الرجل للاستدلال بحديث سبق وأنه قال أنه ضعيف لا يصح فقال:
– وأخرج الإمام أحمد عن جابر بن سمرة رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) قال: ((إن الفحش والتفاحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن خير الناس إسلاما أحسنهم خلقا))؛ (صحح إسناده الحافظ العراقي في تخريج الإحياء، ولكن ضعفه الألباني في السلسة الضعيفة: 3032).
– وأخرج البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو قال: “لم يكن رسول الله (ص) فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: ((إن من خياركم أحسنكم أخلاقا)) “”
ثم ذكر الحديث الآتى:
“- وأخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي (ص) قال: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))؛ (صحيح الجامع: 1932)، (الصحيحة: 795).”
والحديث متناقض لأنه يفرق بين المؤمن وبين الصائم القائم مع أن المؤمن لابد أن يكون صواما قواما كما أنه لا يوجد درجة فى الجنة للصائم القائم وإنما الجنة درجتين الفارق بينهما عمل واحد هو الجهاد كما قال تعالى:
“الله فضل المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة”
ثم ذكر الحديث الآتى:
– بل من أراد أن يكون قريبا من النبي (ص)، فليحسن خلقه فقد أخرج الترمذي وغيره – بسند صحيح – من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أن النبي (ص) قال: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقا)).
والحديث لا يصح لأن الجنة ليس فيها أحد من سيىء الأخلاق ولذا قال تعالى” لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما”ومن ثم فكل المؤمنون مقربون
والحديثين لا ينفعان فى الاستدلال على الفاحشة وكذلك قول ابن المبارك:
“- وقد سئل ابن المبارك عن حسن الخلق، فقال: “طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى”.
– وأخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن أنس قال: قال رسول الله (ص): ((ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه))؛ (صحيح الجامع: 5655)”
والحديث لا يصح لمخالفته كتاب الله فى أن من الفحش مباح بقوله” لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم “ومن الحياء محرم كحياء النبى(ص) من إعلام المسلمين أنهم يؤذونه بالسهر فى بيته كما قال تعالى:
“فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لا يستحى من الحق” ثم ذكر الحديث الآتى:
– وأخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي (ص) قال: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء (الصحيحة: 876).”
والخطأ الأول فى الحديث أن حسن الخلق يوضع فى الميزان ولا ميزان وإنما هو قبول للعمل أو رفض له من الله والخطأ الأخر إذا قصد واضع القول أن حسن الخلق هو عمل ففضله على الجهاد كما يقول الحديث فقد خالف قوله تعالى “فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة “
ثم ذكر الحديث الآتى:
“- وبين النبي (ص) أن البذاءة من شعب النفاق:
فقد أخرج الترمذي والحاكم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن النبي (ص) قال: ((البذاء والبيان شعبتان من شعب النفاق)).
والخطأ الأول هو أن العى من الإيمان والبيان من النفاق وهذا يخالف أن الله أمر النبى (ص)ببيان الوحى فقال “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم “زد على هذا أن الله علم آدم(ص) البيان كما قال “خلق الإنسان علمه البيان “فهل علمه الله الباطل قطعا لا والعى وهو العجز عن التعبير السليم قد يكون فى بعض المؤمنين كما يكون فى بعض الكفار لأنه مرتبط فى الغالب بمرض جسمى والخطأ الثانى هو أن البذاء من النفاق ويخالف هذا أن البذاء وهو السب والشتم بالسوء من القول قد يكون بحق إذا كان الإنسان مظلوما وقد أباح الله للمظلوم أن يسب بالسوء من القول ظالمه فقال ” لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم “
ثم ذكر الحديث الآتى:
– والنبي (ص) جعل البذاءة (الفحش من القول) من الجفاء، والجفاء في النار:ففي الحديث الذي أخرجه الترمذي والبيهقي في “شعب الإيمان” عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): ((الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار)).
– وقد جاء في حديث أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: “قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة .. يذكر من صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار))، قال: يا رسول الله، فإن فلانة .. يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في الجنة)) “؛ (صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2560).
– ورأى أبو الدرداء امرأة سليطة، فقال: “لو كانت هذه خرساء، كان خيرا لها”، (الإحياء: 3/ 155).
وفي حديث أخرجه الإمام مسلم من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) قال في خطبة له: ((وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال، قال: وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق، إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب والشنظير الفحاش)) – ولم يذكر أبو غسان في حديثه: ((وأنفق فسننفق عليك)).”
والخطأ فى المذكور هنا لأن هناك أخطاء فى الخطبة التى لم يقلها النبى (ص)هو أن أهل الجنة ثلاثة وأهل النار خمسة ويخالف هذا أن أهل الجنة واحد هو المسلمون وأهل النار اثنين كافر أو منافق. “
ثم ذكر أحاديث أخرى بعضها كرر سابقا فقال :
– فلهذا ولغيره كان النبي (ص) ينهى عن الفحش والتفحش، ويحذر منه:
فقد أخرج العقيلي بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله (ص): ((يا عائشة، إياك والفحش؛ فإن الفحش لو كان رجلا، لكان رجل سوء))؛ (الصحيحة: 537) (صحيح الترغيب: 4631).
– وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: “أتى النبي (ص) أناس من اليهود، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، قال: ((وعليكم))، قالت عائشة: قلت: بل عليكم السام والذام فقال رسول الله (ص): ((يا عائشة، لا تكوني فاحشة فقالت: ما سمعت ما قالوا؟ فقال: ((أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا؟! قلت: وعليكم)) “….
ثم ذكر الحديث محذرا من عمل الفحش:
– فعلينا جميعا أن نهجر هذا الخلق الذميم، الذي يكرهه رب العالمين، وحذرنا منه الرسول الأمين (ص).
وقد جاء في حديث أخرجه الإمام أحمد عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: “جاء أعرابي (علوي) جريء إلى رسول الله (ص)، فقال: يا رسول الله، أخبرنا عن الهجرة إليك أينما كنت، أو لقوم خاصة، أم إلى أرض معلومة، أم إذا مت انقطعت؟ قال: فسكت عنه يسيرا، ثم قال: ((أين السائل؟)) قال: ها هو ذا يا رسول الله، قال: ((الهجرة أن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، ثم أنت مهاجر وإن مت بالحضر … ))؛ الحديث (قال أحمد شاكر : إسناده صحيح 12/ 4645).
– وأخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): ((لا تهجروا ولا تدابروا، ولا تحسسوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا))…..
– وكان أنس يقول أيضا – كما عند البخاري ومسلم -:
“ولقد خدمت رسول الله (ص) عشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا”.
– وثبت في “صحيح مسلم” عن أبي هريرة قال: “قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: ((إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة)) “.”
والأحاديث السابقة ليست من الموضوع لعدم ذكر الفحش فيها وتحدث عن الاقتداء بالنبى(ص) والمؤمنين فقال :
“هذا هو رسول الله (ص) القدوة والأسوة الحسنة؛ كما قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}
– وكان الرعيل الأول – رحمة الله عليهم – لا يتكلمون إلا بطيب الكلام؛ عملا بوصية رب العالمين؛ حيث قال في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} فكانوا يمتثلون أمره سبحانه وتعالى؛ طمعا فيما وعد به من صلاح الأعمال، وغفران الذنوب، والفوز العظيم يوم الدين.
فها هو تاج الدين السبكي ، كان في حضرة أبيه – وأبوه هو علي بن عبدالكافي تقي الدين السبكي – يقول تاج الدين: “فمر علينا كلب، فقلت: مر يا كلب يا بن الكلب، قال: فأنكر علي أبي، فقلت: أليس هو كلب ابن كلب، فقال أبوه: روينا، ثم ساق حديثا إلى عيسى (ص) أنه مر به كلب، فقال له عيسى (ص): مر بسلام، فسئل عن ذلك، فقال: إني أخاف أن أعود لساني النطق بالسوء”…”
وتحدث عن أسلوب القرآن فى علاج مشكلات الفاحشة الكلامية فقال:
-” وانظر إلى القرآن وأسلوبه الراقي المهذب الجميل؛ فالله تعالى حينما أراد أن يعبر عن الجماع، كنى عنه بألفاظ في غاية الأدب والرقي؛ كقوله تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به} وقال تعالى أيضا – يكني عن الجماع -: {أو لامستم النساء}
– قال ابن عباس: “إن الله حيي كريم، يعفو ويكني، كنى باللمس عن الجماع”.
وقال تعالى محذرا الرجال من جماع النساء في المساجد حال الاعتكاف: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} وعبر القرآن عن قول امرأة العزيز لما راودت يوسف عن نفسه: {وقالت هيت لك … }
– وعندما أراد التعبير عن قضاء الحاجة، عبر عنه بالمكان الذي تقضى فيه الحاجة، وهو ما يعرف بالغائط، وهو المكان المطمئن، تقضى فيه الحاجة؛ قال تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط}
حتى إن العلماء والفقهاء حين ألفوا وصنفوا كتب الفقه، كانوا حريصين جدا على اختيار الألفاظ، مثل قولهم في نواقض الوضوء: خروج شيء من أحد السبيلين، بدلا من قولهم: التبول والتبرز.
– وفي قول النبي (ص): ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه … ))؛ (والحديث رواه البخاري ومسلم).
ونقل الحافظ ابن حجر في “الفتح” (9/ 294) عن ابن أبي جمرة أنه قال: “والظاهر أن الفراش كناية عن الجماع، …- وأيضا قول النبي (ص): ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها))؛ (رواه مسلم).”
وانتهى الرجل إلى النتيجة التالية:
“والخلاصة: أنه يجب على المؤمن أن يكون عفيف اللسان، يختار العبارات اللائقة اللبقة، والكنايات اللطيفة، ويختار أرق الألفاظ، وأعذب الكلمات”
والغريب أن الرجل لم يتعرض لعقاب الفاحشة الكلامية فى الدنيا وهو متنوع فالشتم والسب له عقوبة الجلد إذا كان كذبا والنميمة عقابها متنوع حسب ما ينتج عنها من كوارث كالقتل والجرح…
وعرف البذاءة فقال :
“ثانيا: البذاءة
البذاءة اصطلاحا:
قال الغزالي : “هي التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة”؛ (الإحياء: 3/ 122).
وقال المناوي : “البذاء هو الفحش والقبح في المنطق، وإن كان الكلام صدقا”؛ (التوقف على مهمات التعاريف: ص 73)…”
وكما نقل عن باعث الفحش تحدث عن دوافع البذاءة وقال ناقلا عن الغزالى أيضا :
“- دوافع البذاءة والفحش:
قال الغزالي : “إن السب والفحش وبذاءة اللسان مذمومة، ومنهي عنها، ومصدرها الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم؛ لأن من عادتهم السب، ومواضع ذلك متعددة، ويمكن حصرها في كل حال تخفى ويستحيا منها؛ فإن التصريح في مثل هذه الحال فحش، وينبغي الكناية عنها، وأكثر ما يكون في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به؛ فإن لأهل الفساد عبارات صريحة فاحشة يستعملونها، وأما أهل الصلاح فإنهم يتحاشون عنها، بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز، فيذكرون ما يقاربها ويتعلق بها، ألم تر أن الله عز وجل كنى باللمس عن الجماع؛ ولذلك فإنه تستعمل ألفاظ مثل المس واللمس والدخول والصحبة، كما يكون الفحش والبذاء أيضا في حال قضاء الحاجة؛ فإن استعمال البول والغائط أولى من لفظ التغوط والخراء، ويدخل الفحش أيضا والبذاء في ذكر النساء والكلام عنهن، فلا يقال: قالت زوجتك كذا، بل يقال: قيل في الحجرة، أو من وراء الستر، أو قالت أم الأولاد؛ فالتلطف في هذه الألفاظ محمود، والتصريح فيها يفضي إلى الفحش، وكذلك يدخل أيضا في ذكر العيوب التي يستحيا منها، فلا ينبغي أن يعبر عنها بصريح اللفظ، فلا يقال: فلان الأبرص والأقرع، بل يقال مثلا: فلان الذي به العارض الذي يشكوه، وهذا كله يختلف باختلاف البلاد، وأوائل هذه الأشياء مكروهة، وأواخرها محظورة، وبينهما درجات يتردد فيها”؛ اهـ بتصرف (الإحياء: 3/ 121).
وهذا الكلام ه تكرار لما سبق أن ذكره ندا فى الفحش والدوافع كما قلت فى السابق هى مشيئة الفرد سواء كانت نيته حلال أو حرام وحدثنا عن النهى عن البذاءة فقال :
النهي عن البذاءة:
– جاء الإسلام ونهى عن البذاءة والفحش، وبين أن البذاءة لؤم؛ فقد أخرج النسائي عن ابن عباس أنه قال: “إن رجلا وقع في أب للعباس كان في الجاهلية، فلطمه، فقال النبي (ص): ((لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا، ألا إن البذاء لؤم))؛ (قال العراقي في تخريجه على الإحياء: أخرجه النسائي بإسناد صحيح).”
والحديث لا يصح لأن الوقوع فى أب يعنى الاتهام بالزنى وهو ما يستوجب حد الرمى وهو شهادة الزور وهنا لا يوجد عقاب للرجل وكرر حديثا سبق مناقشة كونه لا يصح فقال :
“- لذا تجد أن المؤمن بعيد كل البعد عن البذاءة والفحش؛ فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عبدالله بن مسعود أنه قال: قال رسول الله (ص): ((ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)).”
ثم ذكر الحديث الآتى:
– وأخرج الإمام أحمد والطبراني عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله (ص): ((إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد، وإنما أنتم ولد آدم، طف الصاع لم تملؤوه، ليس لأحد فضل إلا بالدين، أو عمل صالح، حسب الرجل أن يكون فاحشا بذيا بخيلا جبانا))، (قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة، وبقية رجاله ثقات).”
والحديث لا يصح لأنه يأمر بالرذائل فى قوله حسب الرجل أن يكون فاحشا بذيا بخيلا جبانا فالمفروض أن لا يكون وليس حسبه أن يكون فاحشا ثم ذكر الحديث الآتى:
– والله تعالى يبغض الفاحش البذيء؛ فقد أخرج الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن النبي (ص) قال: ((ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)).
والميزان ليس بالخلق وإنما بالعمل ككل ثم ذكر الحديث الآتى:
– والبذاءة من شعب النفاق؛ فقد أخرج الترمذي والحاكم في “المستدرك” عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه: أنه قال: قال رسول الله (ص): ((الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من شعب النفاق)) وقد سبق القول بعدم صحة الحديث
– والبذيء الفاحش في النار؛ فقد أخرج الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: قال رسول الله (ص): ((الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار))؛ (صحيح الجامع: 3199، قال محقق جامع الأصول: إسناده حسن).
والحياء عامة ليس كله من الإيمان فالحياء بعضه محرم كالحياء من قول الحق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كاستحياء النبى(ص) من قول الحق لبعض المؤمنين الذين يأكلون فى بيته فيسهرون مضايقين إياه وأهل بيته حتى قال الله فيهم” فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لا يستحى من الحق”
وكرر كلاما سبق أن ذكره فى الفحش فقال :
– ورأى أبو الدرداء امرأة سليطة اللسان، فقال: “لو كانت هذه خرساء، كان خيرا لها”؛ (الإحياء: 3/ 125).
– وقال الأحنف بن قيس : “ألا أخبركم بأدوأ الداء: اللسان البذيء، والخلق الدنيء”؛ (الإحياء: 3/ 123).”
وعرف الفجور فقال :
ثالثا: الفجور
هو عنوان للدناءة والخسة، ومزيل لكل محبة، ومبعد عن كل مودة، وفي الجملة هو سبب لهلاك الإنسان في الدين والدنيا الفجور لغة: الانبعاث في المعاصي، يقال: فجر الرجل يفجر فجرا وفجورا؛ أي: انبعث في المعاصي، وفي الحديث: ((إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا، إلا من اتقى الله))، والفجار: جمع فاجر، وهو المنبعث في المعاصي والمحارم.
– وفجر فجورا؛ أي: عصى وخالف، …(انظر: لسان العرب: 5/ 4746)، (التاج: 7/ 338)، (المصباح: 276).”
ثم عرفه اصطلاحيا فقال :
الفجور اصطلاحا:
قال الجرجاني : “هو هيئة حاصلة للنفس، بها يباشر أمورا على خلاف الشرع والمروءة”؛ (التعريفات: 171)وقال الراغب : “الفجور: شق ستر الديانة”؛ (المفردات: 273)وقال الجاحظ : “الفجور: هو الانهماك في الشهوات، (تهذيب الأخلاق: 28)”
ثم تحدث عن حكمه ناقلا أقوالا من بطون الكتب فقال :
“- حكم الفجور:
الفجور بكل أنواعه: من كفر ومعصية وكذب وزنى وعدول عن الحق: من الكبائر، وقد نهينا ليس فقط عن الفجور، وإنما عن معاملة الفجار، والجلوس معهم؛ قال الإمام العز: “فراق الفجرة من شيم البررة؛ لأن جليس السوء كنافخ الكير”؛ (شجرة المعارف والأحوال: 287).
– ويقول عمر بن الخطاب: “لا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم، واعتزل عدوك، واحذر صديقك، إلا الأمين، ولا أمين إلا من خشي الله، وتخشع عند القبور، وذل عند الطاعة، واستعصم عند المعصية، واستشر الذين يخشون الله”؛ (الدر المنثور للسيوطي: 7/ 22).
ثم تحدث عن ذم الفجور فقال :
” ذم الفجور:
قال تعالى: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} فهذه الآية تبين قبح الفجور، ومنزلة الفجار؛ حيث تمت المقابلة ما بين المتقين والفجار، فعلم أن الفجار على عكس ما عليه الأبرار، وكفى بهذا ذما للفجور والفجار.
وأخرج الترمذي عن جابر بن عبدالله قال: “أخذ رسول الله (ص) بيد عبدالرحمن بن عوف، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي (ص) فوضعه في حجره، فبكى، فقال له عبدالرحمن: أتبكي؟ أولم تكن نهيت عن البكاء؟ قال: ((لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان)) “
والحديث لا يصح لأنه متناقض فقد تحدث عن ذكر صوتين فاجرين وذكر أربعة وهم1- صوت عند مصيبة2- خمش وجوه3- وشق جيوب4- ورنة شيطان ثم ذكر الحديث الآتى:
– والفجور من خصال المنافقين؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله (ص): ((أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها))
وهم لا يصح والخطأ أن المنافق له 4 صفات فقط هى الخيانة والكذب والغدر والفجور ويخالف هذا أن الله ذكر لهم صفات أخرى وهى لحن القول كما بقوله “أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم فى لحن القول “والمراءة ومنع الماعون مصداق لقوله “الذين هم يراءون ويمنعون الماعون “
ثم تحدث عن جزاء الفاجر فقال :
– جزاء الحلف الفاجر:
ألا يكلمه الله تعالى؛ ففي “صحيح مسلم” من حديث أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي (ص) قال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره)).”
والحديث يناقض أن من لا يكلهم هم كل الكفار وليس أصحاب ثلاثة أفعال لأنه قال مثلا فى كاتمى الوحى المنزل وهم غير مذكرين فى الحديث :
“إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون فى بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة”
ثم ذكر الحديث الآتى:
ب – يعرض عنه الله يوم القيامة؛ ففي “صحيح مسلم” أيضا عن وائل بن حجر قال: “جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي (ص)، فقال الحضرمي: يا رسول الله، إن هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرض في يدي أزرعها، ليس له فيها حق، فقال رسول الله (ص) للحضرمي: ((ألك بينة؟))، قال: لا، قال: ((فلك يمينه))، قال: يا رسول الله، إن الرجل فاجر، لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع عن شيء، فقال: ((ليس لك منه إلا ذلك))، فانطلق ليحلف، فقال رسول الله (ص) – لما أدبر -: ((أما لئن حلف على مال ليأكله ظلما، ليلقين الله وهو عنه معرض)).”
والحديث لا يصح فكأن الرجين كانا يعيشان وحدهما فليس فى الموضوع شهود وهو كلام لا يعقل كما أن الحديث يظهر النبى(ص) بمظهر القاضى الجاهل الذى يطلب أول ما يطلب الشهود خاصة أن الاثنين ليس معهما بينة ثم ذكر الحديث الآتى:
ج – يلقى الله وهو عليه غضبان؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص): ((من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} قال: فدخل الأشعث بن قيس، وقال: ما يحدثكم أبو عبدالرحمن؟ قلنا: كذا وكذا، قال: في أنزلت، كانت لي بئر في أرض ابن عم لي، قال النبي (ص): ((بينتك أو يمينه))، فقلت: إذن يحلف يا رسول الله، فقال النبي (ص): ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم، وهو فيها فاجر – لقي الله وهو عليه غضبان)).”
ويقال فى هذا الحديث ما قيل فى سابقه ثم ذكر الحديث الآتى:
– وحيث إن التجار أكثرهم من يحلف كاذبا؛ فقد قال النبي (ص) عنهم: ((إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا، إلا من اتقى الله وبر وصدق)).
والحديث عند الترمذي – بسند حسن – عن رفاعة رضي الله عنه: “أنه خرج مع النبي (ص) إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال: ((يا معشر التجار))، فاستجابوا لرسول الله (ص)، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: ((إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا، إلا من اتقى الله، وبر وصدق)).
– العبد الفاجر إذا مات استراح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه: “أنه كان يحدث أن رسول الله (ص) مر عليه بجنازة، فقال: ((مستريح ومستراح منه))، قالوا: يا رسول الله،ما المستريح والمستراح منه؟ قال: ((العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله عز وجل، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب)).
– الفجور يهدي إلى النار:
قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم}
– من أجل ذلك، كان السلف الكرام لا يتكلمون إلا فيما ينفعهم، ويحذرون من الفجور، وكل ما لا يعود عليهم بنفع في دينهم ودنياهم؛ يقول إبراهيم بن زيد التيمي: “المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان كلامه له تكلم، وإن كان عليه أمسك عنه، والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا”؛ (الصمت لابن أبي الدنيا: 247)”