الصلاة والسلام على إمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. لقد ختم الله الرسالات السماوية بالقرآن الكريم، وختم المرسلين بنبينا محمد صلى الله عليه واله، المبعوث رحمة للعالمين ورسولا إلى الناس أجمعين، وجعل أهل بيته عليهم السلام خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله.
إن من سنن الله في خلقه أن جعل {لكل قوم هاد} يبشرهم وينذرهم ليلا ونهارا ويكون لهم على الله حجة بعد البلاغ و البيان.
إن الله اصطفى من آل محمد عليهم السلام علماء ربانيين لرسوله الأمين، ويخلفونه في أمته، يتلون عليهم آياته ويزكونهم ويعلمونهم الكتاب والحكمة، فقال تعالى في حقهم: {ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلَمون الكتاب وبما كنتم تدرسون}(آل عمران : 79)، والربانيون واحدهم هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره. وهو المقتدي بالرب سبحانه في تيسير الأمور كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقيل: هو العالم بدين الرب الذي يعمل بعلمه، وهو العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي، العارف بأنباء الأمة وما كان وما يكون. يربون العلم، ويربون الناس به فيعلمونهم ، ويصلحونهم. بهولاء يحفظ دين الله، وتصان عزة الأمة وكرامتها، ويذاد عن حياضها، وتتضح معالم الدين، وتحيا السنة وتموت البدعة، ويظهر الحق ويزهق الباطل. وبهم يتم الدفع فتصلح الأرض ولا تفسد، وتحمى الصوامع و البيع والصلوات والمساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيرا ولا تهدم.
روي عن الإمام علي عليه السلام قوله: “أنَا ربّانيّ هذه الاُمّة”. وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “الربّانيّون، هم أهل بيت النبي عليهم السلام”.
ومن كانت هذه صفاتهم وأعمالهم، فكيف يكون الحال عند موتهم وقبضهم؟ إن فقد الإمام الرباني ليعد أعظم مصيبة تصاب بها الأمة، لأن بموته يقبض العلم وينتشر الجهل، وتنطمس النجوم التي يهتدي بها المهتدون، ويسود السفهاء ما فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون،لقوله تعالى: {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها}(الرعد : 42)، عن ابن عباس في رواية قال : خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها، ويؤيده ما اخرجه أحمد في المناقب عن علي قال : قال رسول الله – صلى الله عليه السماوات – : ” النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد الصّادِقِ ، خازِنِ٧ الْعِلْمِ ، الدّاعي اِلَيْكَ بِالْحَقِّ ، النُّورِ الْمُبينِ ، اَللّـهُمَّ وَ كَما جَعَلْتَهُ مَعْدِنَ كَلامِكَ وَ وَحْيِكَ وَ خازِنَ عِلْمِكَ وَ لِسانَ تَوْحيدِكَ ، وَ وَلِيَّ اَمْرِكَ وَ مُسْتَحْفِظَ دينِكَ ، فَصَلِّ عَلَيْهِ اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ اَصْفِيائِكَ وَ حُجَجِكَ اِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.
*ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام*
