دورة جديدة كل أربع سنوات, تستبدل فيها الحكومة في العراق, وأمنيات العراقيين تتبدد, في استبدال قوانين الفصال الجاهز, سواءً داخلياً أو إقليمياً وعالمياً, ليسوء حال العراق اقتصاديا وخدمياً.
سئم الشعب من اقتسام الكعكة, ومن شعارات الانتخابات السَمِجَة المتكررة, فثار بتظاهرات مطالباً تحسين الأحوال, وإنهاء البطالة وتوفير الخدمات, من قبل شباب خريجين بشهادات عُليا, تَجَمعوا أمام مكتب رئاسة الوزراء, ليعتصموا تحت مُجَسَّر دمشق, وعلى الأرصفة ناموا بخيام, أملاً في تحقيق توظيفهم, حركة ذكية إن لم نقل شيطانية, جعلت التظاهرات تُسحب إلى ساحة التحرير, فهل كان المكان ضيقاً بمنطقة العلاوي, أم إنها كانت تحت مخطط لإجهاضها؟
تغير اسم التظاهرات من المطالبة بالوظائف, إلى ثورة أكتوبر! اسم الشهر لم يتم تداوله في العراق؛ فتحول إلى تشرين, وهنا تغير الشعار إلى نريد وطن, وهذا يعني عند المثقفين, أن الوطن قد سُرِق وينبغي استعادته, تَشعبت المطالب والهتافات, فما بين رفض التدخل الخارجي وتغيير الحكومة؛ وتحول التظاهرات للإعتصامات, وتصدي القوات الأمنية, بعد تطور الأحداث, والتهديد لدخول المنطقة الخضراء, وظهور حالات شاذة, رافقت تلك التظاهرات, وصفت بأنها تصرفاتٌ مندسين, ذهبت كثيراً من الأرواح, لتجتاح التظاهرات كل المحافظات, الجنوبية والفرات الأوسط, تحت دعمٍ لوجستي كبير, ما يوحي أنها تظاهرات مُنظمة, مُخَطَطاً لها مسبقاً, لخلق حالة من الفوضى, وإرباك للعملية السياسية, واتهمت الاحتجاجات بشتى التُهم, لم يظهر حينها من يقول بتمثيلهم, كي تتم المفاوضات من خلاله.
تغيرت الحكومة ولم تهدأ الأوضاع, وصير لتغيير قانون الانتخابات والمفوضية, عسى أن يستقر الحال, ولكن تم تصعيد الاحتجاجات, والمطالبة بانتخابات مبكرة, وفعلاً جرت تلك الانتخابات, لتظهر النتائج مشوهة, فما بين التشكيك والتزوير, واستبعاد كتل لها ثقلها, بات العراق يهتز في مهب الريح, فالخلافات السياسية عميقة, لكنها كانت مخفية, تُحَلُ بالتوافق على المناصب, ومشاركة الفائزين كُلٌ حسب نسبة فوزه, فقد كان من يمثل الشيعة معروفين, ويشكلون الأغلبية البرلمانية, وحصة الشركاء الكرد معروفة, وكذلك السنة والأقليات.
ما حصل من نتيجة, في الانتخابات المبكرة كان صادماً, فقد فاز التيار الصدري, بنسبة مضاعفة لما حصل عليه, تحالف دولة القانون, ولا بد من العودة لاتخاذ, صيغة الشراكة والتوافق, إلا أن الخلاف بين القوتين عميق, وكانت الشروط كبيرة لتتفاقم الأزمة, فعدم مشاركة نسبة من ممثلي الشيعة, لا تليق بهم كأغلبية بلغة الأرقام البرلمانية؛ فهل كان ذلك من أهداف الاحتجاجات, أم لعبة القدر؟
كان بعض الساسة يتكلمون, بأنهم قد تقاسموا الكعكة, لكن هذه المرحلة ليست كسابقها, فالكعكة أصبحت كبيرة, وعلى ما يبدو, أنها وضعت بصينية, فتوزيعها في صحون لا تكفي الجميع.
سلام محمد العبودي
Ssalam599@yahoo.com