نهرٌ يتخفّى في العروق،
يمضي بلا خريطة ولا ضفاف،
ليقيم في المعنى وحده.
ومن هذا النهر السرّي،
تنبثق أبدية النهوض…
شراعٌ في وجه الريح.
ليس هو فردًا ولا زمنًا،
بل خيطٌ سرّي يمتدُّ في نسيج الوجود،
يتردَّد مثل ارتجافِ نجمٍ في ليلٍ بعيد،
أو مثل هديرِ نهرٍ يكتبُ رحلته
على صخورٍ لا تبلى.
شراعٌ أبدي،
يشقُّ صمت الخليقة،
يطعنُ العدمَ بوميضه،
ويُقيمُ من الركامِ أنشودةً
تسري في عروق الأزمنة،
كما تسري الريحُ في بساتينٍ بلا حدود.
كلما أطبقتْ العتمة،
توهّجت جمرةٌ في صدر إنسان،
ومن الرماد تنهضُ أسرابٌ من نور،
تفتحُ للروح أبوابًا مغلقة،
كأنها ولادةٌ من فناء،
وفجرٌ يتسلّل من جوفِ ظلامٍ
لا يعرفُ آخره أحد.
هو السرُّ الماورائي في دم الأجيال:
إذا ذُبح، نهضَ بملامحٍ جديدة،
إذا انكسر، عاد أصلب من حجرٍ
صقلته آلاف العواصف،
وإذا خبا، أضاء أبعدَ من مدار الخيال.
الحكاية ليست اسمًا ولا وجهًا،
إنها نارٌ سرمدية،
تندسُّ في رماد الغياب،
ثم تنهضُ كطائرٍ لا يهبط،
يعبرُ الدهور
ويُقيمُ في الأفقِ بعد الأفق،
كما لو كان الوجودُ نفسه
يُعيد كتابة بدايته في كل دورة.
هو الإنسانُ حين يلامس جوهره،
نزيفُه للكرامة بذرةُ خلود،
يتفتّحُ في قلب العدم
كشجرةٍ تعاندُ الفصولَ وتزهر في القيظ والجليد.
هو العابرُ دربَ الحرية،
ينقشُ على جدار الزمن أثرًا لا تمحوه العواصف،
صوتًا أعندُ من صمت المدى،
ولحنًا يظلُّ مشتعلاً
ولو أطفأ الكون آخر مصابيحه.
الكاتب// ابو ألينا
https://shorturl.fm/TDPwE
https://shorturl.fm/L7I1M