قد تتفاجئ لكنها الحقيقة, حيث تشير تقارير اقتصادية رصينة إلى أن احتياطات العراق من الغاز تؤهله لأن يكون الرابع على مستوى العالم, لكن هل تعلم ان الغاز العراقي يهدر بشكل يومي, وهو احدى مظاهر سوء ادارة الدولة من قبل الطبقة السياسية المتعفنة, وهذا الهدر يحدث نتيجة عدم استغلال الغاز المصاحب لعمليات تكرير النفط! وهذا الامر مستمر من عام 1927 عند بدأ تدفق النفط من حقل “بابا كركر” في كركوك, فيذهب هدرا في الجو من دون الاستفادة منه!
هل تصدق عزيزي القارئ ان الخسائر المالية التي يتكبدها العراق جراء إحراق الغاز نحو 290 ألف دولار (في الحد الأدنى) لكل ساعة؟!
وتشير التقارير الى ان 70% من الغاز العراقي هو ناتج طبيعي متميزاً بقلة التكاليف, فلا يحتاج للحفر ولا للتنقيب, لكن مع هذه الميزة الرائعة, لكنه مع الاسف يهدر! وتشير الإحصائيات إلى أن العراق يملك احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي, ويبلغ أكثر من 110 تريليونات قدم مكعب، لكن مع الاسف عمليات هدر الغاز مستمرة, لعدم وجود البنية التحتية, وسوء الادارة والتخطيط, وعجز الحكومات المتعاقبة.
وتفيد تقارير اقتصادية بأن العراق يهدر حوالي 62 بالمئة من إنتاجه من الغاز, أي ما يعادل 196000 برميل من النفط الخام يوميا، وفي هذا هدر مالي كبير، وهو كاف لبناء صناعة غاز جديدة بالكامل.
فالعراق لو يوقف عمليات الهدر المستمرة فأنها توفر 5 مليارات ومئتي مليون دولار تقريبا خلال السنوات الأربع المقبلة, من خلال تقليص نسبة الغاز المهدور، ومن ناحية اخرى توفير اكتفاء ذاتي، لما تحتاجه محطات توليد الطاقة الكهربائية التوربينية من وقود الغاز, بدل استيراد كميات كبيرة يومية من دول الجوار! والتي ترهق الخزينة سنوياً بمبالغ ضخمة جدا.
وتشير تقديرات المؤسسات الاقتصادية المتخصصة إلى أن كمية الغاز المحروقة المبددة, تكفي لإمداد خمسة ملايين منزل بالطاقة الكهربائية, وهذا يشير لحجم فساد وفشل المنظومة السياسية التي جاءت بها صناديق الانتخابات, وهذا الادارة الفاشلة تتسبب الى هدر الثروات, مما يؤثر ايضا على ارتفاع كبير في البطالة, والفقر, والامية, وتردي الخدمات, وتراجع الواقع الصحي.
- اسباب هدر الغاز
عند البحث عن اسباب هذا الهدر في الثروة الغازية نجد العديد, من اهمها:-
- ان ارتفاع نسبة إحراق الغاز في العراق يعود إلى زيادة إنتاج النفط.
- يعود إلى أن الحروب التي شهدتها البلاد خلال العقود الأربعة الماضية, والتي أدت إلى تدمير منشآت استثمار الغاز المصاحب, التي كانت قد بدأت في تشييدها في سبعينيات القرن الماضي.
- ان سبب إحراق الغاز الطبيعي المصاحب يعود إلى التقاعس والإهمال والفساد.
- العراق لم يتبن سياسة طاقة حقيقية منذ عام 2003، خاصة أن الدورات البرلمانية السابقة لم تفلح جميعها في إقرار قانوني النفط والغاز والمصافي النفطية.
- غياب القرار السياسي المستقل, مما يجعل العراق مكبل وراضخ ومجبر على بقاء الحال على ما هو عليه.
- اخيرا نقول:
ننتظر ولادة ارادة سياسية عراقية خالصة, تتوجه لوقف عملية الهدر اليومية لثروة الغاز, ووضع سياسة رصينة للطاقة, ومحاربة الفاسدين الساعين لاستمرار اذلال العراق وتكبيله.