نقد كتاب عورة المرأة أمام النساء

المؤلف علي بن محمد الريشان وهو يدور حول اختلاف آراء الفقهاء فى مسألة عورة المرأة التى تكشف أمام المرأة وترجيح أحدها وفى هذا قال فى مقدمته :
“وبعد فقد اختلف أهل العلم في الشيء الذي يجوز أن تظهره المرأة أمام النساء من زينتها فبعض أهل العلم أجاز لها أن تظهر ما فوق السرة وتحت الركبة أمام المرأة لأدلة رأوا أنها تفيد جواز إظهار ذلك وخالفهم آخرون فمنعوا المرأة من إظهار ما زاد على ما جرت العادة – أعني عادة نساء السلف الصالح – إظهاره في البيت وحال المهنة ومعلوم أنه عند التنازع والاختلاف فإنه يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة قال الله – عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) فإلى أدلة الفريقين ثم ذكر الراجح”
واستهل الحديث بذكر أدلة المانعين من إظهار ما زاد على ما يظهر عادة فقال :
“أولاً أدلة المانعين من إظهار ما زاد على ما يظهر عادة :
الدليل الأول
قال الله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) قالوا في الآية الأمر بغض البصر عما لا يحل وحفظ الفرج عما حرم الله والنهي عن إبداء الزينة إلا ما ظهر منها دون قصد وفيها أيضا النهي عن إبداء وإظهار شيء من الزينة الخفية إلا لأزواجهن أو آبائهن.. الخ ما ذكر في الآية فهؤلاء جاءت الآية بإباحة إظهار شيء من الزينة الخفية للمرأة مما جرى عرف من نزل عليهم القرآن بإظهاره أمامهم وخص الزوج بعدم إخفاء شيء من الزينة الباطنة عنه لأدلة أخرى
وقد فسّر السلف الآية بنحو ما قلنا فقد روى ابن جرير (307/9) من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال( ولا يبدين زينتهن إلى لبعولتهن ) إلى قوله ( عورات النساء )
قال الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطها وقلادتها وسوارها فأما خلخالها وعضداها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها وعند البيهقي فيه زيادة انظر السنن الكبرى ( 7/152 رقم 13537)
وهذا ثابت عن ابن عباس وإعلاله بضعف عبد الله بن صالح لا شيء فعبد الله بن صالح ثبت في كتابه وهذه الرواية من كتاب وهي صحيفة على بن أبي طلحة التي رواها عن عبد الله بن صالح جمع غفير من أئمة أهل الحديث
أما الانقطاع بين على بن أبي طلحة وابن عباس فقد عرفت فيه الواسطة وهم الأثبات من تلاميذ ابن عباس عكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وقد اعتمدها الأئمة فانظر ـ إن شئت ـ صحيح البخاري وتفسير ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهم من أئمة السلف رحمهم الله وإعلال بعض المتأخرين بالعلل السابقة المذكورة غفلة عن منهج السلف في تعاملهم مع أمثال هذه الصحيفة
وروى أيضا من طريق ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى “ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن “قال تبدي لهؤلاء الرأس وإسناده صحيح
وروي عن إبراهيم النخعي من طريق سفيان عن منصور عن طلحة عن إبراهيم قال هذه ما فوق الذراع وهذا إسناد صحيح ومن طريق أخرى قال ما فوق الجيب ولكن في سنده من يُجهل وما جاء في تفسير ابن عباس وقتادة وإبراهيم وما قاله ابن جرير رحم الله الجميع في تفسيره لهذه الآية فيه تحديد للمواضع التي يجوز للمرأة أن تبديها لمن ذكر في الآية إلا من خُص بمزيد الاطلاع على الزينة الخفية لأدلة أخرى وهو الزوج فقط “
والزعم بأن الزينة المبداة هى بعض الأمور التى ليست من الجسم كالخلاخل وهذا الجنون هو باطل فالخلاخل لا تلبس فى الأوراك التى تظهر عند ضرب وهو رفع الرجل فالزينة هى الجسم كله
والجسم المبدى فى الآية غير محدد خاصة أن المبدى للزوج الجسم كله خاصة فى الجماع وكذلك للأمهات والعمات والخالات عند الاستحمام ومن ثم لا يوجد فى الآية ما يسمى بالمكشوف عادة لأن فى حالات العجز والكبر يجوز ليس للنساء فقط وإنما للرجال كالأبناء كشف العورات كى يحممن الأمهات والآباء عند عجزهم وكبرهم فالمسألة ليست واحدة وإنما حسب العمل المطلوب الكشف فيه كجماع أو استحمام وتحميم وتنظيف ثم قال :
الدليل الثاني
ثبت في السنة من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي (ص)قال ” المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان “رواه الترمذي(117) وابن خزيمة(1685) وابن حبان (5598 5599) وغيرهم
وقد أعل بالوقف ولكن الصحيح ثبوته مرفوعاً كما رجحه جمع من الأئمة الحفاظ منهم الدارقطني وتفصيل هذا فيه طول
ففي هذا الحديث أن المرأة عورة والعورة لا يجوز إظهار شئ منها إلا ما ثبت جواز إظهاره بأدلة أخرى سيأتي ذكر شئ منها في موضعه “
ضعف الريشان الدليل وهو يعارض كتاب الله فالرجل والمرأة كلاهما عورة أى سوءة منها المخفى ومنها المبدى كما قال تعالى :
“فوسوس لهما الشيطان ليبدى ما ورى عنهما من سوءاتهما”
ثم قال :
الدليل الثالث
روى الإمام أحمد (22131 22129) وغيره من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن أسامة بن زيد أن أباه أسامة قال كساني رسول الله (ص)قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال لي رسول الله (ص)”مالك لم تلبس القبطية ؟ ” قلت يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال لي رسول الله (ص)” مرها فلتجعل تحتها غِلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها ”
وهذا الحديث وإن كان من رواية ابن عقيل عن محمد بن أسامة بن زيد والأول وصف بسوء الحفظ خاصة لما كبر والثاني جهل حاله بعض الأئمة كالدارقطني إلا أن هناك من ثبت ابن عقيل من الأئمة ونقل البخاري عن أحمد وإسحاق والحميدي الاحتجاج بحديثه فحديثه محتج به ما لم يخالف ووثق محمد بن أسامة بعض الأئمة كابن سعد وابن حبان رحم الله الجميع وهذا الحديث جدير بالثبوت ولا سيما وأنه ليس في لفظه ما يُنكر وله شاهد ضعيف من حديث دحية الكلبي رواه أبو داود (4116) و الحاكم والبيهقي من طريقه انظر سننه الكبرى (3261)
وعليه فإن هذا الحديث يدل على النهي عن لبس الثياب الضيقة التي تصف الأعضاء ومن المعلوم أن هذا النهي عام فيما يلبس داخل البيت وخارجه وإن كان خارجه أشد وأكثر ما يطرق المرأة في بيتها هم النساء فهن ممن منعت المرأة من لبس ما يصف عظامها أمامهن فكيف يجوز لها إظهار وكشف ما فوق السرة ودون الركبة “
والحديث رغم الكلام فيهفى الرجال متناقض داخليا فالقبطية وصفت بالكثيفة أى الثخينة أى الثقيلة وأى شىء ثقيل لا يمكن أن يكون شفافا حتى يصف كما يقول الحديث حجم عظامها وإنما ما يصف العظام هو اللبس الضيق ثم قال:
“فائدة
بعض أهل العلم جعل تفسير حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله (ص)قال ” صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهم كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ” فقال إن الكاسيات العاريات منهن من يلبس الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسد “
الحديث باطل فكيف لم ير القائل وهو ليس الرسول(ص) الصنفين وهو يصفهما تمام الوصف؟
والخطأ أن الريح يشم من مسيرة زمنية والمفروض أنها مسافة مكانية ثم قال :
“الدليل الرابع
روى البخاري في صحيحه (5240) من حديث عبد الله بن مسعود عن رسول الله (ص)أنه قال ” لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها “وهذا النهي عن المباشرة لأنه قد يفضي إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة كما أن فيه إسقاطاً لمعنى الحجاب والمقصود منه ـ ينظر الفتح عند شرح الحافظ ابن حجر لهذا الحديث ـ وإظهار ما لم تجر العادة وعرف النساء بإظهاره من أقوى الوسائل للوقوع في هذا المحظور كما هو معلوم بداهة فيكون منع إظهار ما زاد على المعتاد من جهتين
الأولى لأنه من العورة كما سبق تقريره والثاني لأنه وسيلة للوقوع في المحظور الذي جاء الحديث النبوي السابق ذكره بالزجر عنه “
الحديث إن صح فهو ليس فى النهى عن رؤية المرأة عورة المرأة وإنما النهى عن نعت وهو وصف المرأة المرأة الأخرى بالكلام لزوجها
ثم قال :
“الدليل الخامس روى مسلم في صحيحه ( 1/266) من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص)” لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد ” وهو عند أبي داود (4018) الترمذي (2793) وفي هذا الحديث النهي عن النظر إلى عورة المرأة وهي ما سوى المظهر عرفاً ولو لم يحصل الوصف من الناظرة عن المنظور إليها “
الحديث لا يصح لأنه يحرم ما أحل الله فى الآية من رؤية العورات كليا أو جزئيا وهو قوله “ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء”
واستعرض الريشان أدلة الرأى الثانى فقال :
“ثانياً أدلة القائلين بأن عورة المرأة من المرأة كعورة الرجل من الرجل:
ذهب جمهرة من الفقهاء إلى أن عورة المرأة من المرأة كعورة الرجل من الرجل وإلى أن للمرأة أن ترى من المرأة ما يجوز أن يراه الرجل من الرجل واستدلوا ـ كما يتبين بالاستقراء والتتبع ـ لقولهم هذا بأدلة وهي
الدليل الأول
عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت النبي (ص)يقول ” ما فوق الركبتين من العورة وما أسفل من السرة من العورة ” رواه الدارقطني (879) والبيهقي من طريقه (3237)
قالوا هذا الحديث نص صريح في تحديد العورة وهو عام للرجال والنساء فليس في الحديث تحديد فيحمل على العموم كما يشهد له الحديث التالي
الدليل الثاني
ما جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص)قال ” علموا صبيانكم الصلاة وأدبوهم عليها في عشر وفرقوا بينهم في المضاجع وإذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى عورتها والعورة ما بين السرة والركبة ” رواه البيهقي (3236) ورواه أبو داوود (4113) بلفظ ” إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها ” وجاء تفسير هذه اللفظة برواية أخرى وهي عند أبي داود (496) أيضاَ ” فلا ينظر إلى ما فوق الركبة ودون السرة ” “
الدليلان هما واحد وهما فى رؤية الرجل عورة الرجل ولا يصح الاستدلال بهما لأنهما يحددان عورة الرجل وليس المرأة وعورة الرجل هى نفسها عورة المرأة فالمرئى منهما واحد وهو الوجه والكفين وليس كما تزعم الأحاديث خاصة أن هناك أحاديث تجعل عورة الرجل إلى أنصف الساقين وليس إلى الركبة ومن ثم فالأحاديث متناقضة ثم قال :
“الدليل الثالث عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (ص)قال ” إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتاً يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء “رواه أبو داود (4007) وابن ماجه (3854) “
الحديث لا يصلح كدليل فهو لا يتحدث عن كشف العورات وإنما عن منع النساء من دخولها والحديث مخالف لكتاب الله فطالما الحمامات مشتركة بين الرجال والنساء لا يصح دخول الرجال لها بالأزر حيث يكشف من أجسامهم جزء كبير ثم قال :
“الدليل الرابع
عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص)” احذروا بيتاً يقال له الحمام ” قالوا يا رسول الله إنه يذهب الدرن وينفع المريض قال ” فمن دخله فليستتر ” والحديث فيه جواز دخول الحمام بشرط الاستتار أي للعورة وليس في الحديث منع النساء من دخوله إلا بشرط وهو الاستتار للعورة فقط فإذاً الضرورة إلى انكشاف ما سوى العورة متحققة فيما بينهن وسبق تحديد العورة في حديث أبي أيوب وحديث عبد الله بن عمرو والذي جاء من طريق عمرو بن شعيب “
الحديث يناقض الحديث قبله فهنا الواجب على من دخل المام الاستتار بينما فى الحديث السابق يبيح دخولها بالأزر حيث نصف الجسم تقريبا مكشوف
والحديث يجعل الرسول(ص) والصحابة متهمون الرسول(ص) بأنه يغير الأحكام وهو الحذر من دخول الحمام والصحابة يعترضون عليها ويجعلونه يغيرها وهو كلام يتناقض مع قوله تعالى على لسان الرسول(ص) أنه لا يغير الوحى من نفسه :
“قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى”
ثم قال :
“الدليل الخامس
عن عمر بن الخطاب فيما كتبه إلى أبي عبيدة بن الجراح ” بلغني أن نساءً من نساء المسلمين قبلك يدخلن الحمام مع نساء مشركات فإنه عن ذلك أشد النهي فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها ”
ففي هذا الأثر عن عمر النص على إباحة رؤية العورة للنساء المؤمنات فيما بينهن ويحمل على ما سوى العورة المغلظة “
الأثر يخالف كتاب الله فلم يحدد الله دين من يحق لهم الرؤية من الرجال والنساء وإنما ذكر القرابة من الرجال فقط ومن المعروف أن كثير من الآباء والأمهات والاخوة والأخوات وغيرهم كانوا ما يزالون كفارا وبعضهم مات على كفره ثم قال :
“الدليل السادس
قال (ص)” لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ” ففي هذا الحديث دليل على التساوي في حدود العورة بدلالة الاقتران والقياس وقد ثبت عندنا أن عورة الرجل من الرجل ما بين السرة إلى الركبة فكذلك المرأة “
سبق مناقشة الحديث فى أدلة المانعين ولا يوجد قول واحد يصلح كدليل لفريقين متناقضين معا ثم قال :
“الدليل السابع إجماع أهل العلم على جواز قيام المرأة بتغسيل المرأة كما يغسل الرجل الرجل فكما للرجل الاطلاع على ما فوق السرة ودون الركبة من الرجل حياً و ميتاً فيجوز إذن أن تظهر المرأة للمرأة ما فوق السرة ودون الركبة لوجود المجانسة التي تبيح ذلك فالناظر والمنظور إليه كلاهما من النساء “
هذا الكلام هو كلام بشر وهو مع صحته ينفى تصديق آية النور كما هى
وكان الرد على الاحتجاج بآية النور هو :
“وردوا على من احتج عليهم بالآية بأنها لا تفيد ما فهمه المانعون لأن دلالة الاقتران ضعيفة ومن القرائن على ضعف مأخذ القائلين بها ذكر البعل في الآية فهي إذا لا تفيد التساوي فيما يجوز إظهاره بل غاية ما تفيده اشتراكهم في المنع من اطلاعهم على جزء من الزينة الخفية كل بحسبه وللنساء الاطلاع على ماعدا ما بين السرة والركبة وإظهاره فيما بينهن للأدلة السابق ذكرها “
واستعرض الريشان اعتراضات المانعين على أدلة المبيحين فقال :
“اعتراض المانعين :
وقد رد المانعون على أدلة هؤلاء بأن هذه الأدلة التي احتجوا بها تنقسم إلى قسمين قسم صريح غير صحيح وقسم صحيح غير صريح وتفصيل ذلك فيما يلي
أولاً حديث أبي أيوب الأنصاري والذي جعلوه نصاً في تحديد العورة لعموم الرجال والنساء
لا يصح البتة فقد رواه الدارقطني والبيهقي من طريق سعيد بن راشد عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب وسعيد بن راشد وعباد بن كثير متروكان فسقط هذا الحديث
ثانياً حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص)قال ” علموا صبيانكم الصلاة ” الحديث جاء من طريق الخليل بن مرة عن ليث بن أبي سليم عن عمرو بن شعيب به ولا يصح فالخليل ضعيف وليث مختلط لم يتميز حديثه فيكفي علة واحدة من هاتين العلتين لرده
ورواية أبي داود التي جاءت من طريق الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ ” إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره فلا ينظر إلى عورتها ” ورواه وكيع عن أبي حمزة الصيرفي داود بن سوار ـ فقلب اسمه ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ ” فلا ينظر إلى ما فوق الركبة ودون السرة ”
فإن الرواة عن عمرو بن شعيب قد اضطربوا في هذا الحديث فجاء كما في الروايات السابقة النهي عن النظر إلى عورة الأمة إذا زوجت وحددت فيما بين السرة والركبة
وجاءت رواية أخرى من طريق النضر بن شميل عن أبي حمزة الصيرفي وهو سوار بن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً ” وإذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا تنظر الأمة إلى شئ من عورته فإن ما تحت سرته إلى ركبته من العورة ” رواه الدارقطني وهي عند البيهقي جميعها في سننه انظر (2/320)
وهذه الرواية فيها تحديد العورة للسيد وهو الرجل بخلاف الرواية الأولى مما يدل على اضطراب الراوي في ضبط هذه اللفظة ولا سيما الرواية الأخيرة فمدارها على أبي حمزة الصيرفي ومجمل أقوال الأئمة فيه أن فيه ضعفاً فهذا الاضطراب منه بل ذكر الدارقطني عنه أنه لا يتابع على رواياته وقد رواها بواسطة محمد بن جحادة الثقة عن عمرو بن شعيب كما عند البيهقي (3235) فهذه علة أخرى لروايته هذا الحديث لذلك قال البيهقي كما في سننه الكبرى (2/320)بعد روايته لهذه الألفاظ [ وهذه الرواية إذا قرنت برواية الأزواعي دلنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا زوجها وأن عورة الأمة ما بين السرة والركبة و سائر طرق هذا الحديث يدل وبعضها ينص على أن المراد به نهي الأمة عن النظر إلى عورة السيد بعد ما زوجت أو نهي الخادم من العبد الأخير عن النظر إلى عورة السيد بعدما بلغنا النكاح فيكون الخبر وارداً في بيان مقدار العورة من الرجل لا في بيان مقدارها من الأمة ] أ هـ كلامه
وانظر سنن البيهقي الأحاديث(3237 3236 3235 3234 3233 3224 3223 3219 كما أن هذا الحديث بألفاظه المختلفة لو صح فيه تحديد عورة الأمة لا المرأة الحرة والفرق في الاستتار بين الأمة والحرة لا يخفى وهذا ثابت بالأدلة الصحيحة من سنته (ص)وفعل الصحابة رضي الله عنهم مع العلم أن بعض أهل الحديث لم يثبت هذه الرواية ولم يعرج عليها في تحديد عورة الرجل
وينظر كلام الإمام ابن القيم في تهذيب السنن (6/18)
ثالثاً حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً ” تفتح لكم أرض العجم ” رواه أبو داود من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو به وهذا لا يصح ففيه الأفريقي وضعفه أشهر من أن يُعرف وشيخه عبد الرحمن بن رافع مجهول ولو صح فليس فيه رخصة إلا لذوات الحاجة من النساء ولا يلزم من الدخول انكشاف العورات كما هو معلوم
رابعاً حديث عبد الله بن عباس مرفوعاً ” احذروا بيتاً يقال له الحمام ” رواه البزار (211-مختصر زوائده للحافظ ابن حجر ) فقال أخبرنا يوسف بن موسى أخبرنا يعلى بن عبيد أخبرنا سفيان الثوري عن ابن طاووس عن طاووس عن أبيه عن ابن عباس
وظاهر هذا الإسناد الصحة ولذلك اغتر به بعض العلماء فصححه ولكن الصواب فيه أنه مرسل كما رواه جمع من الحفاظ
قال البزار ( رواه الناس عن طاووس مرسلاً ولا نعلم أحداً وصله إلا يوسف عن يعلى عن الثوري ) أ هـ كلامه
والذي يظهر أن الخطأ في وصله من يعلى بن عبيد روايه عن الثوري فهو وإن كان ثقة ففي روايته عن الثوري ضعف وقد جاءت أحاديث أصح منه إسناداً تعارضه والذي قبله منها ما رواه أبو داود ( 2006) والترمذي (2803) من طريق أبي المليح الهذلي أن نساء من أهل حمص أو من أهل الشام دخلن على عائشة فقالت أنتن اللاتي يدخلن نساءكن الحمامات سمعت رسول الله (ص)يقول ” ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها ” وقد صحح هذا لحديث جمع من العلماء وفي الباب أحاديث أخرى عن جمع من الصحابة منهم عمر وأبي أيوب وجابر الأنصاريين وعبد الله بن عمرو وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم جميعاً انظر مسند أحمد وسنن الترمذي وسنن النسائي ومستدرك الحاكم وصحيح ابن حبان وغيرهم وبعضها يشهد لبعض كما قال بعض أهل العلم
مع أن الحافظ الحازمي قال في كتابه الاعتبار (187) ( باب النهي عن دخول الحمام ثم الإذن فيه بعد ذلك ـ ثم قال في آخره ـ وأحاديث الحمام كلها معلولة ـ يعني المرفوعات ـ وإنما يصح فيها عن الصحابة رضي الله عنهم ) أ هـ كلامه وقد ضعفها كذلك الحافظ عبد الحق الأشبيلي كما في الأحكام الوسطى له (1/244)
خامساً ما جاء عن عمر فيما كتبه إلى أبي عبيدة فهذا الأثر لا يصح
فقد رواه عبد الرزاق (1134) عن ابن المبارك عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي ـ قال ابن الأعرابي ـ وجدت في كتاب غيري عن قيس بن الحارث قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بلغني فذكره ورواه عبد الرزاق أيضاً (1136) من طريق إسماعيل بن عياش عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي عن قيس بن الحارث قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة فذكره
ولكن رواه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي عن أبيه عن الحارث بن قيس قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة فذكره فزاد فيه عن أبيه وجعله من رواية الحارث بن قيس ورواه سعيد بن منصور أيضاً عن عيسى بن يونس عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي قال كتب عمر بن الخطاب فذكره وانظر البيهقي رقم ( 13542) ورواه ابن جرير كذلك عن عيسى بن يونس بمثله ففي رواية ابن المبارك عند عبد الرزاق وعيسى بن يونس عند سعيد بن منصور وابن جرير عن عبادة بن نسي مرسلاً وزاد إسماعيل بن عياش كما في رواية سعيد بن منصور عن عبادة عن أبيه عن الحارث بن قيس ونسي والد عبادة مجهول وانظر مسند عمر بن الخطاب لابن كثير (2/601) و سنن البيهقي (7/153)وأسقطه في رواية عبد الرزاق فيكون الأثر منقطعاً بين عبادة وقيس بن الحارث كما أنه جعله من رواية الحارث بن قيس بدل قيس بن الحارث
وهذا كله يدل على اضطراب إسماعيل في روايته لهذا الأثر بينما الأثبات رووه عن عبادة مرسلاً زد على ذلك الاختلاف الكثير في المتن وورود تلك اللفظة المنكرة في بعض رواياته وهي ( فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر وفي رواية أن يرى عورتها إلا أهل ملتها )
والجميع المانعون والمجيزون متفقون على تحريم كشف العورة وتحريم النظر إليها فإن كان المقصود ما فوق السرة فهذا يؤيد قول من قال بأنه عورة وإن كان المقصود ما بين السرة والركبة فالجميع على اتفاق إلا من شذ بأنه لا يحل إظهاره والنظر إليه إلا لزوج أو سيد فكيف يجوز للمرأة أن تطلع النساء على عورتها إذا كان المقصود المعنى الثاني وعلى كل حال فهذه اللفظة لا تثبت
وقد صح عن عمر خلاف ذلك قال عبد الرزاق (1133) عن ابن جريح أخبرني سليمان بن موسى عن زياد بن جارية حدثه عن عمر بن الخطاب كان يكتب إلى الآفاق ( لا يدخلن امرأة مسلمة الحمام إلا من سقم وعلموا نساءكم سورة النور ) ففي هذا الأثر إباحة دخوله للمسلمة المريضة لحاجة الاستشفاء والتأكيد على الاستتار بقوله وعلموا نساءكم سورة النور
سادساً ما ذكره المجيزون في احتجاجهم بحديث (أبي سعيد مرفوعاً ” لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ” وأخذهم القول بجواز إظهار ما فوق السرة ودون الركبة بدلالة الاقتران والقياس فيقال معلوم أن دلالة الاقتران ضعيفة إلا بقرائن تؤيدها ومن العجيب أن المجيزين يأخذون بدلالة الاقتران في هذا الحديث رغم معارضته لنصوص أخرى كما تقدم في أدلة المانعين ولا يأخذون بها في الآية الكريمة ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ) الآية
أما قياسهم فهو قياس مع الفارق ” وليس الذكر كالأنثى ” قدراً وشرعاً فلا يصح هذا القياس وأيضاً فإن مقدار عورة الرجل مختلف فيه بين أهل العلم فكيف يصح القياس على أصل مختلف فيه
وللفائدة ينظر صحيح البخاري/ باب ما يذكر في الفخذ ( الفتح 1/530) وراجع سنن البيهقي(2/321 329) فإذا ذكر النهي في هذا الحديث عن النظر إلى العورة في سياق واحد لا يدل على التساوي في مقدار العورة بين الجنسين فكل بحسبه كما دل على ذلك النصوص الشرعية وعمل السلف الصالح سابعاً احتجاجهم بإجماع العلماء على أن المرأة تغسل المرأة كما يغسل الرجل الرجل فهذا لا حجة فيه لأن الغسل ليس فيه إباحة إطلاق النظر فضلاً عن أن يكون فيه جواز تعرية المرأة فيصح أن يكون الغسل من فوق الثوب بل هذا هو المشروع وهذا إذا قيل بالتساوي بين حالتي الحياة والموت والآية (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) تخاطب المرأة بالنهي عن إبداء الزينة الخفية بالاختيار إلا لمن ذكر فيها ومن في حكمهم بالقدر المعروف شرعاً وعرفاً ولو قيل بجواز كشف ما فوق السرة لغير الزوج في حالة ضرورة وما ظهر منها في حال الضرورة أو عدم التكليف فليس من هذا الباب والله أعلم
ثامناً ما ذكره المجيزون من ضعف دلالة الاقتران في الآية مرجوح فصحيح أن دلالة الاقتران قد تكون ضعيفة ولا تدل على التساوي في الحكم إلا بقرينة وهذه القرينة موجودة لدى المانعين وهي أن جمهور السلف ـ وأخذ بها الإمام أحمد كما في رواية عنه ـ قالوا إن المقصود من قوله تعالى (أو نسائهن) المسلمات أو ما ملكت أيمانهن
وأما غيرهن فلا يحل للمرأة أن تبدي شيئاً من زينتها التي أبيح لها واعتادت إظهارها أمام النساء فالإضافة هنا للاختصاص وهذه القرينة وهي التفريق بين المسلمة والكافرة تقوي قول من أخذ بدلالة الاقتران في الآية وعدم خروج النساء منها واشتراكهن مع غيرهن ممن ذكر في الآية في تحديد ما يظهر لهم “
مما سبق نجد أن القوم جعلوا كل الأحاديث المستدل بها باطلة أو لا تصلح للاستدلال بها ولم يتبق من أدلة الفريقين سوى آية النور وكل فريق يزعم أنها دليل له
وحاول الريشان ترجيح أحد القولين فقال :
“القول الراجح:
وبعد استعراض أدلة الفريقين يتبين أن القول الراجح في هذه المسألة هو قول المانعين من إظهار ما زاد على ما يظهر عادة وعرفاً وعلى الاختلاف بين الرجل والمرأة فيما هو من العورة يدل على ذلك عمل السلف الصالح من أصحاب النبي (ص) فقد ثبت أنه (ص)قد أبدى ساقيه أو فخذيه أمام بعض أصحابه كما في حديث عائشة وأبدى ساقيه كما في حديث أبي موسى الأشعري وثبت أن أصحابه رأوا بياض إبطيه (ص)كما رأوا جنبه (ص)وقد أثر فيه الحصير وكلها في الصحيح ورأوا شعر بطنه وقد علاه التراب كما في قصة حفر الخندق كما ثبت حديث اغتسال سهل بن حنيف ورؤية عامر بن ربيعة له وقد كشف عن جزء كبير من جسده كما في الموطأ
أما المرأة مع محارمها والنساء فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة في رؤية شئ من بدنها ـ الرأس والشعر والآذان ونحوها ـ فتوافق تفسير ابن عباس وقتادة للآية مع عمل الرعيل الأول رجالاً ونساءً فقد ثبت في الصحيح قصة زواج عائشة وتمشيط النساء لها وتزيينها للنبي (ص)
وكذلك ثبت في الصحيح من حديث جابر في قصة زواجه من الثيب وجوابه للنبي (ص)عن سؤاله وأنه أراد أن تقوم على أخواته وتمشطهن فلا بد حال التمشيط من رؤية الشعر والأذان والرقبة ولا يجادل في هذا أحد
كما ثبت في صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر دخل على أخته حفصة ونسواتها تنطف والنسوات الضفائر وتنطف تقطر ماء كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سلمة قال دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة فسألها أخوها عن غسل رسول الله (ص)فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب ففيه رؤية رأسها من قبل أخيها وابن أختها أبي سلمة لأن أم كلثوم أختها أرضعته وغيرها من الأحاديث وخُص الزوج من بين المذكورين في الآية فإنه لا يمنع من الاطلاع على كامل بدن امرأته كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله (ص)من إناء بيني وبينه واحد تختلف أيدينا فيه فيبادرني حتى أقول دع لي دع لي قالت وهما جنبان وجاء عند ابن حبان أن عطاء سأل عائشة عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فذكرت هذا الحديث بمعناه قال الحافظ ابن حجر ( وهو نص في المسألة ) أ هـ كلامه
كما ثبت عند الإمام أحمد وأبي داود والترمذي من حديث بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال ” احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ” فقال الرجل يكون مع الرجل قال ” إن استطعت ألا يراها أحد فافعل ” قلت والرجل يكون خالياً قال”فالله أحق أن يستحيا منه ” ولا يثبت حديث في منع الزوجين أو أحدهما من رؤية عورة الآخر ولم ينقل خبر بإسناد صحيح أو ضعيف فيما أعلم ذكر فيه تكشف النساء وإظهارهن ـ عدا ما بين السرة والركبة ـ فيما بينهن عندما يجتمعن فلو أعتقد السلف جواز ذلك والرخصة فيه لنقل ذلك عنهم ولو عن بعضهم كما نقل غيره مما هو دونه فهذا يدل دلالة واضحة على ضعف قول من قال بجواز كشف ما عدا ما بين السرة إلى الركبة للنساء فيما بينهن وأن هذا القول بني على أدلة صريحة لكنها لا تصح وأما ما استدلوا به من الأدلة الصحيحة فالأمر بخلاف ما ذهبوا إليه منها كما مر”
ومما سبق نجد الريشان يرجح قول المانعين وهو كلام يتناقض مع ما تدل عليه فالزوج وهو البعل يباح له رؤية جسم المرأة كلها عند الجماع أو الاستحمام ومن يصدقون الأحاديث سيجدون استحمام النبى(ص) مع نسائه من إناء واحد والاستحمام لا يكون بملابس
وكذلك النساء هناك حالات كتحميم الأم لابنتها أو البنت لأمها أو تنظيف البنت لأمها عند عجزها أو عند وصولها أرذل العمر فإن لم يوجد قريبات جاز تحميم الصاحبات لبعضهم أو الجارات أو غيرهن لبعضهن عند الكبر أو العجز
بل عن الله للرجال أن يحمموا أمهاتهم وينظفوهن عند الكبر كما كانوا ينطفوهن فى الصغر فقال :
” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة”
فالذل أن تزيل خرء وبول أمك وأبيك وهما كبيرين عاجزين كما كانا ينظفانك منه وأنت رضيع وفيما بعده
فالرؤية محكومة بالضرورات ففى الحالات المعتادة تكون الرؤية بالملابس فليس المعتاد العرى التام أمام الأقارب وحتى النساء مع بعضهن فالمعتاد فى العرى التام يكون عند الاستحمام عندما تعجز المرأة عن غسيل ظهرها أو عند إزالة شعر العانة وفتحة الشرج ببعض المزيلات فالوصول للشعر فى الخلف عند فتحة الشرج صعب وينتج عنه عند استخدام آلات حادة جروح
ثم ذكر الريشان قول ثالث وهو :
“وقبل أن نختم الكلام في هذه المسألة يحسن ذكر أن هناك قولاً ثالثاً في المسألة وهو أن عورة المرأة من المرأة كعورتها من الرجل الأجنبي عنها وهذا مذهب غريب مخالف للنصوص الثابتة التي ذكر بعضها ولم يعلم أحد قال به سوى الإمام القاضي عبد الوهاب المالكي في شرحه الرسالة لابن أبي زيد القيرواني على ما نقله ابن القطان في كتابه ( أحكام النظر ) ولا يعرف لهذا لقول دليل سوى ما رواه الحاكم في مستدركه ( 5/253) فقال
باب التشديد في كشف العورة ثم أخرج (7438) بسنده من طريق إبراهيم بن علي الرافعي حدثني علي بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده أن النبي (ص)قال ” عورة الرجل على الرجل كعورة المرأة على الرجل وعورة المرأة على المرأة كعورة المرأة على الرجل ” ثم قال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه فقال الذهبي متعقباً له الرافعي ضعفوه
وفيه علة أخرى وهي جهالة علي بن عمر فلا يعرف حاله وليس هو علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الثقة فهذا آخر غيره كما أن متنه غريب منكر “
ومما سبق نجد أن الريشان قد أنكر القول الثالث فهو ليس عليه دليل إلا حديث معلول والخلاصة:
أن انكشاف عورات كل جنس أمام الأخر أمام الجنس الآخر محكومة بالضرورات التى شرعها الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *