نقد كتاب التشبه بالنساء والرجال

الكتاب تأليف محمد محمد الشريف من أهل العصر وهو يدور حول تشبه الجنسين ببعضهما وقد استهل الشريف الكتاب بذكر رواية التشبه فقال:
“عن ابن عباس قال: “لعن رسول الله (ص)المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال” ” وبين الشريف أنه جنس له وظيفة محددة فى الأرض يقوم بها فقــال “ووقد تعالت حكمة الله تعالى فخصص لكل نوع وظيفة هامة لا يقوم بها غيره وهيأ لكل من الأسباب والوسائل ما يمكنه من النهوض بهذه الوظيفة وبهذا يكون التكامل البشري في أرقى صوره، فوظيفة الرجل الخلافة في الأرض وتعميرها والمشي في مناكبها لابتغاء فضل الله ورزقه وقد أعطاه الله من القوة والتحمل والصبر والجلد ما يهيئه لهذا، وسخر له الكون وأعطاه من العقل والحكمة ما يحسن به تدبير أموره وما يصلح به شأنه، ولذلك كان الرجل جلدا قويا متعقلا مفطورا على الكدح والسعي وأما المرأة فوظيفتها الأولى إنجاب الذرية، وحملها، ووضعها، وإرضاعها، وتعهدها، ورعايتها، وتربيتها، والقيام عليها، بينما يشغل الرجل بواجباته
وما أجل هذه الوظيفة التي تتميز بها المرأة، ولقد فطرها الله وهيأها للقيام بهذه الرسالة فجعل نفسها مليئة بالعطف والرحمة والحنان، وجعلها تحن إلى الصغار وتميل إلى تعهدهم منذ نعومة أظافرها، ولذا فإنها تحب العرائس من اللعب لتستعد بفطرتها لوظيفتها، كما أنها تحب القرار في البيوت وتنفر من الخروج منها لغير ما حاجة، وقد أعطيت من الصبر على الحمل والوضع والإرضاع والتربية ما يسهل عليها هذه المهمة الشاقة، كما أنها تخضع بذاتها لزوجها وتنقاد لأمره
ولقد جعل الله تكوينها البدني والنفسي مهيئا لهذه العمليات التي لا يقوم بها إلا المرأة بل إن تكوين المرأة كله يدور في محيط هذه الوظيفة ولذلك كانت المرأة القرار المكين الذي تتجلى فيه آيات الله الباهرة في تكوين الجنين في أطواره المختلفة فتبارك الله أحسن الخالقين ووظيفة هذا شأنها وهذه منزلتها جديرة بأن تتفرغ لها المرأة وتوفر جهدها عليها، وجدير بالمجتمع أن يقدر لها قدرها وأن يرعاها أحسن رعاية
ولا ننسى أن المرأة تساعد الرجل على القيام بوظيفته خير قيام فتعينه على التعفف والاستقامة، وتتعهد حاجياته الضرورية من مطعم ومشرب وملبس ومسكن وتتعهد أولاده، فيكون فارغ البال لعمله هادئ النفس، وعلى هذا فطرت المرأة منذ نعومة أظافرها فتشعر أن هذه الوظيفة من أجمل أمانيها وأحلى آمالها مهما بلغت من الدنيا! وإذا قام كل من الرجل والمرأة بما هو مفطور عليه استقامت الأمور، وسعد الناس، وعاشوا عيشة راضية، لاستقامتهم على الفطرة التي فطرهم الله عليها” وأوضح الشريف أن الله فضل الذكر على الأنثى بالقوامــة فقــــــــــال “ولقد أراد الله سبحانه – وله الحكمة البالغة – أن يجعل الذكر أفضل من الأنثى، وأن يكون له السيادة والقوامة عليها، وهي قوامة وسيادة قائمة على الفطرة السليمة التي خلق عليها كل من الذكر والأنثى، وهي كذلك قائمة على التبصر والحكمة والقدرة على تحصيل مطالب الحياة قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} ، مع أنهما يستويان في الحقوق والواجبات، فلكل منهما حق على الآخر، فكما أن على الرجل أن يسعى، فعلى المرأة أن تقوم بالإعفاف والخدمة، وكذلك يستويان في الأمر بالعمل الصالح وجزائه، ولكن الله سبحانه قد كلف الأنثى بما يناسب فطرتها فأعفاها من الصلاة والصيام عند الحيض والنفاس، وجعل صلاتها في بيتها أكرم من صلاتها في المسجد وجعلها لا تتطوع بالصيام إلا بإذن زوجها ” والخطأ فى الفقرة السابقة هو جواز صلاة المرأة فى المساجد العامة وهو ما يناقض أن المساجد خاصة بالرجال لقوله تعالى ” لمسجد أسس على التقوى أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهرون” وقال ” فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله”

والخطأ الثانى جواز صوم التطوع ولا يوجد فى الإسلام شىء اسمه صيام تطوع لكون الصيام عقوبة على الكثير من الذنوب ومن ثم لن يبيح الله للمسلم أو المسلمة أن يعاقب نفسه بلا ذنب كما أن الصوم بعشر حسنات كما قال تعالى” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها” بينما المفطر لو أكل وجبتين وشرب مرتين فى النهار لأخذ 40 حسنة فيكون الإفطار أفضل من الصوم ثوابا
ثم بين أن على الرجل والمرأة الرضا بما قسمه الله من الوظائف وألا يتدخل كل منهما فى ذلك فيتشبه بالآخر فقال:
” قال تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض} ، وليست القوامة قائمة على التحكم والتسلط والعدوان، ولذلك كان أعظم الناس حقا على الرجل أمه وعلى المرأة زوجها والله سبحانه عزيز لا يغلب، حكيم لا يفعل شيئا عبثا، عليم بما يصلح الكون ويسعد البشر، وقد اقتضت حكمته هذا الصنع المتقن البديع، وإن من نعم الله على الرجل أن يختاره الله هكذا رجلا له القوامة والسيادة ..ولقد كان جديرا بالرجل والمرأة أن يرضى كل منهما بما كلف به من مهام ليعيش حميدا سعيدا، لكن الشيطان الرجيم – وقد قعد للناس يصدهم عن الصراط المستقيم – جعل البعض يعترضون على أمر الله فيهم ويتركون مهامهم المنوطة بهم، ولذا نرى بعض الرجال لا يقدر نعمة الرجولة، ويقوم بكل عمل ممكن ليكون شبيها بالأنثى في هيئتها وزينتها وسلوكها، وكذلك نرى بعض الإناث يتأبين على الفطرة ويحاولن الظهور بمظهر الرجال والتساوي بهم، وهذا انتكاس بالإنسانية وتمرد على الفطرة الربانية لا يجني منه المجتمع إلا الشر المستطير والخطر الكبير، ولقد حذر الله تعالى الإنسان من تمني ما ليس من شأنه، فلا يتمنى الذكر أن يكون أنثى أو كالأنثى، ولا تتمنى الأنثى أن تكون ذكرا أو كالذكر، قال تعالى: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما} ولهذا حذر رسول الله (ص)أشد التحذير من الانتكاس بالفطرة وتغيير صنع الله البديع المحكم، ومن الاستجابة لكيد الشيطان اللعين الذي تهدد بني آدم بالإغواء والإضلال، ولذلك أخبر (ص)أن الله سبحانه قد أشتد غضبه على قوم رغبوا عن خلقه وتشبهوا بالنساء وفي الحديث المصدر به البحث يقول ابن عباس “لعن رسول الله (ص)” واللعن هو الطرد، فقد دعا رسوله الله (ص)على من فعل ذلك بالطرد وهو البعد عن رحمة الله تعالى، كما أخبر (ص)أن من فعل ذلك فقد أحل بنفسه الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى.. ولا ريب أن المتشبه بالمرأة والمتشبهة بالرجل يستحقان اللعن والطرد من رحمة الله إن لم يتوبا، والسر في هذا أن في التشبه تمردا على فطرة الله تعالى، واستجابة لكيد الشيطان الذي أبى أن يسجد لآدم تكبرا فطرد من رحمة الله تعال، فأراد لبني آدم أن يكونوا مثله في ذلك، فأتاهم من كل سبيل ليضلهم ويغويهم ولقد تجاسر الشيطان الرجيم وأبان عن وظيفته الخبيثة فقال {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} وفي هذا ضلال مبين، إذ أنه لا يرضى بصنع الله الذي أتقن كل شيء، ولا يروقه حسن الصنعة، وعظمة الصانع القادر، وهو سبحانه ما خلق كل شيء إلا بالحق، ولم يخلق شيئا عبثا ولا باطلا‍! ولكن الإنسان لضعفه أمام الشيطان وغروره ومكره يرضخ له ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ولذلك فإن التشبه من الكبائر، لاستحقاق فاعله لعنة الله تعالى كما أخبر بذلك رسول الله (ص)”
الخطأ هنا هو وجود كبائر وصغائر وهو ما يخالف أن كل ذنب هو كبيرة لأنه تكبر على طاعة حكم من أحكام الله ثم قال الشريف عن التشبه:
“..ويقال تشابه الرجلان إذا تساويا فالتشبه إذن هو تكلف المشاركة والاتفاق في معنى من المعاني، وتشبه الرجل بالمرأة أن يتصنع أن يكون مثلها في خاصية من خواصها وفي مظهر من مظاهرها، ولقد فطرت المرأة على حب التزين والتجمل لتكون محببة إلى الرجل، وقد أحل الشارع الحكيم لها أن تلبس الحرير، وأن تتحلى بالذهب، ومنع من ذلك الرجل، كما أن المرأة تحب الألوان الزاهية والبراقة لما فيها من زينة ظاهرة تلائم فطرتها، كما أن العرف على أن للمرأة ثيابها الخاصة بها في صفتها وهيئتها ولقد فطر الله المرأة على الحسن والجمال غالبا، وسوى لها أعضاءها على أتم ما تكون حسنا وجاذبية، وزودها بالشعر الغزير في رأسها ليزيدها جمالا وحسنا، في حين أنها فطرت على أنه لا شعر لها في وجهها وفي بعض أعضائها، لأن ذلك حسن يلائمها وقد أباح الشارع الحكيم لها أن تتجمل بكل ذلك التجمل الفطري الشرعي، وللمرأة صوتها العذب الرقيق و بدنها الضعيف”
الخطأ الأول فى الفقرة هو إباحة التجمل للمرأة لكونه من الفطرة وهو ما يخالف أن أى تغيير فى خلقة الجسيم هو استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله علينا حيث قال “ولآمرنهم فليغيرن خلق الله”
والثانى تحريم الذهب والحرير على الرجال مع قوله تعالى” وتستخرجوا منه حلية تلبسونها” فالحلى على كل أنواعها مباحة للرجل كما للمرأة والعبارة هنا تتحدث عن الرجل وحلى البحر منه الذهب والفضة وغير ذلك مما يستخرج من الماء
ثم قال الشريف:
“إن هذه الأمور ونحوها خاصة بالنساء تلائم فطرتهن، فإذا تكلف الرجل شيئا منها وعمد إلى الاتصاف بها فقد تشبه بالمرأة، واستحق اللعنة، فإذا بالغ في التزين والتجمل وجعل كل همه الاعتناء الزائد بالزينة فقد تشبه بالمرأة، وإذا لبس الحرير أو تحلق بالذهب في أصبعه أو وضعه على صدره فقد تشبه بها وإذا اختار الألوان البراقة لثيابه أو لبس نعلا يشابه نعلها فقد تشبه بها، وإذا ترك شعر رأسه لينمو ويكثر وصنع به كما تصنع بشعرها، فقد تشبه بها وإذا أزال ما في وجهه من شعر اللحية فقد تشبه بها، وإذا حاول التثني والتكسر في كلامه وهيئته ومشيته فقد تشبه بها، وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على ضعف الدين وضعف الرجولة وضعف الذات وفقد الغيرة والنخوة والمروءة والشهامة، وعلى الميل إلى مظاهر الخسة والدناءة، وهذا هو التخنث المقيت الذي لعن صاحبه، فعن ابن عباس قال: “لعن النبي (ص)المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال: “أخرجوهم من بيوتكم”، قال: “فأخرج النبي (ص)فلانا وأخرج عمر فلانا” ، والمخنث هو المؤنث من الرجال وهو من يتشبه بالنساء في هيئاتهن وحركاتهن وثيابهم وفي كلامهن وأخلاقهن، وإنما يذم من تكلف وتصنع، وأما من كان من أصل خلقته مشبها للمرأة في رقة الصوت وتكسره وفي هيئته وحركته، فلا ذم ولا لوم، لأن الذم واللوم لمن تكلف وتعمد وتصنع، كما يفهم ذلك من لفظ “المتشبهين” وغيره لم يتعمد وليس في وسعه وطاقته غير هذا، ومن كان مشبها للمرأة من أصل الخلقة يؤمر بتكلف تركه ومعالجة نفسه، ومداواة قصورها شيئا فشيئا حتى يصير رجلا سويا، فإن فعل هذا ولم يقدر على العودة إلى أصل الرجولة ولم يوفق لترك ما هو من خصائص المرأة، فلا لوم عليه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ومن لم يعالج نفسه بل تركها وشأنها وتمادى في ذلك فهو مذموم، لا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به، قال النووي: “فمن خلق كذلك ولم يتكلف التخلق بأخلاق النساء وزيهن وكلامهن وحركاتهن بل هو خلقه الله عليها فهذا لا ذم عليه ولا عتب ولا إثم ولا عقوبة لأنه معذور لا صنع له في ذلك” وقال: “ومن لم يكن ذلك له خلقة بل يتكلف أخلاق النساء وحركاتهن وهيئاتهن وكلامهن ويتزيا بزيهن، فهذا هو المذموم الذي جاء في الأحاديث الصحيحة لعنه”
ولقد شاع تشبه الرجل بالمرأة لدى الكفرة الذين ضلوا عن دينهم وأصبح دينهم هو الشهوات يبحثون عنها ويستمتعون بها بكل وسيلة، وقد فقدوا رجولتهم وكرامتهم، فصاروا عبيدا للشيطان وللنساء، وهم بفعلهم هذا يرغبون في التقرب إلى المرأة ويطلبون ودها، ويوقعونها في حبائل الهوى لينالوا منها لذتهم
وأما المسلمون فلهم من دينهم ورجولتهم ومروءتهم وأنفتهم ما يمنعهم من هذا التدني والسقوط ولقد شذ البعض فتشبه بهن، ونسي هؤلاء أن المرأة لا تريد من هو مثلها ومن يخضع ويركع لها، إن المرأة لا تميل إلى الرجل الذي هو كالمرأة، وإنما تريد رجلا كامل الرجولة يعطيها ما تفقده من نفسها ومن بنات جنسها، وترى فيه السيد المطاع والآمر الحازم والرجل الشهم، إنها تريد رجلا قوي الدين قوي الشخصية يغار عليها ويدافع عنها ويوفر لها كل ما تريد، وهى بفطرتها تميل إلى الخضوع له والاستسلام لأمره، وإن الكفرة وقد ضلوا السبيل يريدون بنا أن نصير مثلهم، وبعد أن أفسدوا الضعيفات من النساء يحاولون إفساد شباب الإسلام والقضاء على ما لديهم من بقية من رجولة وحمية، ولكي نقضي على هذه الظاهرة الشاذة يجب أن نعود بالشباب إلى دين ربهم، حيث العفة والطهارة والإباء والرجولة، وما أكرم هذا الشباب الذي ينشأ على عبادة ربه، إنه يتأبى على كل هذه الإنحرافات ولا يأبه لها
وأما المرأة المترجلة فهي التي تتشبه بالرجال وتحاول أن تظهر بمظهرهم، فالرجل له ثيابه الخاصة به في هيئتها، وقد خلق الرجل للعمل والسعي والمشي في مناكب الأرض طلبا للرزق وابتغاء من فضل الله، فإذا لبست ثياب الرجل فقد تشبهت به واستحقت اللعنة، ولا ريب أن هذا الثوب تجعله بصورة تزيد في زينتها، وتزيد الرجال فتنة بها، وكثيرا ما يكون ضيقا ملتصقا بالجسم، فيبرز محاسنها ويصور أعضاءها تماما، وهذا يزيد الفتنة اشتعالا، ويزيد الرجال ضعفا وعجزا عن مقاومة إغراء المرأة، هذا وقد تقص شعرها من غير حاجة كما يقص الرجل، وقد تذهب في ذلك إلى الرجل يقصه ويصففه لها، وفي ذلك جرائم خلقية شتى لا يرضى بها صاحب مروءة وغيرة والمرأة شأنها القرار في البيوت والقيام بمصالح الرجال فيها، من تربية أولاد وإعداد طعام وتنظيف مسكن وثياب فإذا تركت بيتها كما يفعل الرجل وفرت إلى الشوارع والأسواق لغير ما حاجة، فقد تشبهت بالرجل، وإذا زاحمت الرجال بمنكبيها وتركت حياءها الفطري وراءها ظهريا سعيا وراء المال فقد تشبهت بالرجل، وهي بذلك تفر من مملكتها الكريمة، ومن عرشها المصون، وتترك البيت والأولاد للخدم والشوارع ودور الحضانة أو للأقارب والجيران، ولا ريب أن ذلك يؤدي إلى سوء أخلاق النشء، وفساد طباعهم لأنهم فقدوا حنان الأمومة الحقيقية ورعايتها وتربيتها، ولم تجن الأمة من جراء ذلك إلا الشر والضياع والانحلال والضعف، والحق أن أكرم شيء للمرأة أن تلزم بيتها وأن تقوم بحق زوجها وحق أولادها، فهذه المرأة هي العاملة الناجحة التي تؤدي لأمتها دورا جليلا لا يقوم به غيرها، وحسن قيام المرأة بهذه الواجبات يعدل ما للرجل من أعمال البر كالحج بعد الحج والجهاد والجمعة والجماعة، فهي تقوم بأقدس الأعمال وأشرفها وأنفعها، إذ توفر للرجل كل ما يعينه على أمور دينه ودنياه، وتربي للأمة الأجيال الصالحة، ومثل هذه المهمة جليلة وسامية، وهي تستغرق كل وقتها، ولا تجد فراغا لتستريح فيه من هذا العناء، فحق على الأمة أن تكافئ مثل هذه المرأة وأن تقدر لها جهدها، فإذا فقدت المرأة عائلها، وجب على الأمة أن تتعهدها وترعاها، وإذا لم تجد من يقوم بحاجتها، فلا بأس بأن تسعى على معاشها متأدبة بآداب الشريعة الغراء، من تصون، وتستر، وعدم اختلاط، أو اختلاء بالرجال، وأما خروجها لطلب المال من غير ما حاجة، فهو في الحقيقة ضار بالمرأة، وبالأسرة، وبالأمة، وإن العرف يسميها بالعاملة، وهي في الحقيقة هاربة عاطلة، لأنها تركت واجبها الملزمة به، لتجلس على المكتب، أو تبيع أو تأخذ ثمن ما يباع، لقد جعلوها سلعة تستهوي أنظار الرجال ليتعاملوا معها فتروج التجارة وهذا لا يليق وكرامة المرأة، كما أنها لا تقوى على تحمل أعباء العمل ومشاقه، لأن فطرتها غير مهيأة لذلك، وكثيرا ما تعجز عن عملها وتكله إلى غيرها من الرجال، لتشغل نفسها بما يخف عليها من طعام وشراب وقراءة مسلية ونحو ذلك، كما أنها لا تسلم من الرجال ولا يسلم الرجال منها وإن كانت غير متبرجة، ومروءة الرجل وغيرته لا تسمح له بأن تجلس زوجه بين الرجال تنظر إليهم وينظرون إليها، وتتحدث إليهم ويتحدثون إليها‍!
أضف إلى ذلك هذه الأموال الطائلة التي تقتطعها من أموال الأمة، وهي تنفق في غير ما حاجة أو مصلحة، إنما تبدد على أحدث ما في العصر من ثياب وزينة ومظاهر براقة، ولا تستفيد الأسرة من ذلك بقليل ولا كثير، ولقد كان الأولى بها أن تستقر في بيتها لتصلح من شأنه وتوفر ما تأخذ ليعطى للرجال الذين ينفقون على النساء والأولاد، ويكون ذلك سببا في خفة حدة كثير من مشاكل وسائل المواصلات وارتفاع الأسعار ومن الإنصاف أن نقول: إن المرأة وظيفتها في بيتها، ومهما جمعت من مال، ومهما بلغت من منصب وجاه، فإنها تحن إلى عش الزوجية وإلى حياة الأمومة وإلى تربية الأطفال، ولا يصرف بالها عن ذلك أي صارف،ومن الإنصاف أن نقول أيضا أن عمل المرأة خارج البيت يفقدها كثيرا من خصائص الأنوثة التي تجذب الرجال إليها، فالصوت تذهب رقته، والحياء يقل أو ينعدم – والحياء مفتاح الطهر والعفة والشرف للمرأة – و يجعلها تنظر إلى غير زوجها ممن يفوقه مالا أو جاها أو حسنا
ولضعف المرأة فقد قلدت الرجل وتشبهت به في كل شيء، حتى فيما يضر بالصحة ويذهب بالمال ويؤدي إلى نفرة الناس وكراهيتهم، ولقد رأينا بعض النساء من أهل الترف والغناء والتمثيل يشربن الدخان كما يشرب الرجال، ويعددن هذا من مظاهر المدنية الرقي، وما هو إلا انحطاط وهوى، وما أعظم المضار التي تترتب على الدخان حتى عده الكثير من العلماء حراما، وما أشد ندامة صاحبه عند الكبر ويوم القيامة، ولقد روى أبو هريرة قال: “لعن رسول الله (ص)الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل” ولم يكتف سيدنا رسول الله (ص)بزجر المتشبهين بالنساء ولبيان أنهم مطرودون من رحمة الله تعالى إن لم يتوبوا، بل أمر بإخراجهم من البيوت، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لعن النبي (ص)المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال: “أخرجوهم من بيوتكم” قال: “فأخرج النبي (ص)فلانا وأخرج عمر فلانا” وقد أخرج (ص)أنجشة – وهو العبد الحبشي الأسود – وكان غلاما لنبي الله (ص)، وكان حسن الصوت وكان يحدو بأمهات المؤمنين ونسائهم ”
قطعا ما نقله الشريف من روايات عن طرد المختثين والمترجلات من البيوت هو ضرب من الوهم فالتخنث والترجل جرائم عليها عقاب بالجلد أو القتل إن تكرر الأمر لأن الغرض من الجريمتين هو إفساد الخلاق مما يدخلهم فى حد الحرابة
ثم نقل الشريف الروايات التالية:
” وقد روى أبو داود بسنده عن أبي هريرة أن النبي (ص)أتي بمخنث خضب يديه ورجليه، فقيل: “يا رسول الله إن هذا يتشبه بالنساء”، فنفاه إلى النقيع فقيل: “ألا نقتله” فقال: “إني نهيت عن قتل المصلين”
الرواية لم تحدث لأن الخضاب محرم على الكل رجال ونساء لأنه تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان “ولآمرنهم فليغيرن خلق الله” ثم قال:
“وعن أم سلمة أن النبي (ص)كان عندها وفي البيت مخنث فقال لعبد الله أخي أم سلمة: “يا عبد الله إن فتح لكم غدا الطائف فإني أدلك على بنت غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: “لا يدخلن هؤلاء عليكن”
وكان هذا المخنث يدخل على نسائه (ص)ونساء الصحابة لأنه كان يعتقد أنه من غير أولي الإربة، أي ممن لا حاجة له في النساء، كما في حديث عائشة : “كان يدخل على أزواج النبي (ص)مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة” وإنما أبيح دخول من لا إربة له في النساء لأنه ليس كامل الذكورة وفيه نوع من الأنوثة، فلا يشتهي النساء إذا دخل عليهن، فلما سمع منه النبي (ص)هذا الكلام الدقيق في وصف محاسن النساء، علم أنه من أولي الإربة وأصحاب الميل إلى النساء، ولكنه يتستر ويخادع، ولقد وصف محاسن المرأة وعورتها بحضرة الرجال، وقد نهي أن تصف المرأة المرأة لزوجها خشية افتتانه بها فكيف إذا وصفها الرجل للرجل
ولقد ظهر أن هذا المخنث كان يطلع على ما لا يطلع عليه كثير من النساء من عوراتهن ومحاسنهن ولقد روي أنه وصف منها ما يستهجن ذكره ويفحش الاطلاع عليه، ولذلك منعه (ص)من الدخول على نسائه، ومنع نساءه من الظهور عليه لأنه له حكم الفحول من الرجال الراغبين في النساء، فقال (ص)”لا يدخل هؤلاء عليكن” والداخل كان واحدا، وهو المخنث، وإنما جمع إشارة إلى جميع المخنثين لما رأى من وصفه للنساء، ومعرفته ما يعرفه الرجال منهن، ويمنع كذلك حرصا على حرمة البيوت وصيانة لها، وحفاظا على العفة والفضيلة وحتى لا يروا النساء في زينتهن، فتحصل الفتنة والشهوة، ومنعا لمن يتظاهر بأنه لا إربة له في النساء وقد يكون في الحقيقة غير ذلك ”
قطعا الحديث لم يحدث لأن الرجل هنا يدعو للفاحشة وعليها عقاب دنيوى وأخروى كما قال تعالى ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة”
ثم حدثنا عن نفى المخنثين فقال :
“ولم يكتف (ص)بذلك بل أمر بإخراجهم من المدينة، وعزلهم عن الناس ونفيهم بعيدا عن النساء وقد ذكر العلماء أن اسم هذا المخنث “هيت” بكسر الهاء وسكون الياء وبالتاء، وقيل “هنب” بالنون والباء وهو الأحمق، وقيل “ماتع” مولى فاختة المخزومية، وقيل “مانع” والمحفوظ أنه “هيت”، ولقد نفاه (ص)من المدينة إلى موضع بالبيداء يسمى الحمى، وكان يدخل كل يوم جمعة إلى المدينة يستطعم الناس، ثم يعود إلى منفاه، وقد روي أن سعدا خطب امرأة بمكة فقال هيت:” أنا أنعتها لك”، وكان يدخل على سودة فقال النبي (ص)”ما أراه إلا منكرا” فمنعه، ولما قدم المدينة سيره إلى خاخ، ولعل هذا تكرر منه فنفاه (ص)مرات وقد أخرج عمر من المدينة من كان كذلك، فلقد سمع قوما يقولون أبو ذؤيب أحسن أهل المدينة، فدعا به، فقال: “أنت لعمري”، فأخرج عن المدينة فقال: “إن كنت تخرجني فإلى البصرة حيث أخرجت يا عمر نصر بن حجاج”، وكان نصر هذا يتغنى به بعض النساء ليلا، فسأل عنه ونفاه من المدينة حتى لا يفسد النساء على الرجال، وجعدة السلمي كان يخرج وراء بعض النساء إلى البقيع ويتحدث إليهن، فكتب بعض الرجال إلى عمر يشكون ذلك فأخرجه، وقد يصل الأمر ببعض المخنثين إلى أن يفقد رجولته حتى يؤتى، وقد ينتهي الأمر بالمسترجلة إلى أن تتعاطى السحاق بغيرها من النساء، ومن فعل ذلك من الرجال كان حكمه حكم الزاني وللمرأة من الذم والعقوبة القاسية، ما يكون عبرة وعظة وردعا وزجرا
وإنما أمر النبي (ص)بإخراج هؤلاء من المخنثين من المدينة قطعا لدابر الرذيلة ووأدا لها في مهدها، وحتى لا تؤدي بصاحبها إلى ما هو أفحش وأشنع، وحتى لا يراه غيره ولا يسمع به، فلا يكون الأثر المذموم، وكذلك إيصادا لباب الشهوة والفتنة، قال المهلب: “إنما حجبه عن الدخول على النساء، لما سمعه يصف المرأة بهذه الصفة التي تهيج قلوب الرجال، فمنعه لئلا يصف الأزواج للناس فيسقط معنى الحجاب” اهـ ويستفاد من الحديث أنه يجب حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن، وأنه يجب إبعاد من يستراب به في أمر من الأمور لا سيما في أمر النساء، وفي الحديث تعزير من يتشبه بالنساء بالإخراج من البيوت والنفي، إذا تعين ذلك طريقا لردعه، وظاهر الأمر وجوب ذلك، وقد اتفق العلماء على أن تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء من قاصد مختار، حرام
وظاهر الحديث أن المرأة المسترجلة المتشبهة تنفى كذلك، وإنما يكون ذلك إذا كان النفي إلى مكان أمين، وكان معها محرم لها وحيث تؤمن الفتنة بها، فإن لم يتيسر ذلك فلتعزر، ولتحبس، ولتمنع من المخالطة تأديبا وزجرا حتى تتوب إلى ر بها والمعروف أن عمر أخرج رجالا ولم يذكر العلماء من أخرجهن عمر من النساء، وأكثر الروايات “وأخرج عمر فلانا” بالتذكير، ورواية أبي ذر للبخاري “فلانة” بالتأنيث ووقع ذلك أيضا في شرح ابن بطال، وأما رواية الباقين فبالتذكير وكذا عند الإمام أحمد والاعتماد على رواية التذكير ونسخ البخاري التي في أيدينا بالتذكير”
والروايات عن نفى المخنثين لا تصح ولم تحدث لأنه لا يوجد عقاب اسمه النفى من أجل حديث أو من أجل جمال الرجل أو فتنته فالنفى ف القر، يسمى النفى من الأرض وهو ما يعنى اغراق المفسد فى الماء لأن عكس أو مقابل الأرض الماء ولا توجد عقوبة النفى فى الإسلام وهؤلاء إن كانوا يحدثون الناس مزينين الفاحشة أو يغوون الناس لارتكاب الفاحشة فآية إشاعة الفاحشة صريحة فى وجود عذاب أليم لهم فلابد أن يجلدوا وإن كرروا الأمر يقتلوا باعتبارهم مفسدين فى الأرض وفى هذا قال تعالى ” ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *