مؤلف الكتاب محمد بن عبد العزيز بن عبد الله السديس من أهل العصر وفى المقدمة حدثنا السديس عن اهتمام الشارع بالمولود وتربيته فقال :
“مقدمة:
أما بعد:فلقد ظهرت عناية الإسلام برعاية الصغير وتربيته وبيان حقوقه منذ ولادته ونشأته، يقول تعالى في محكم التنزيل: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف)فكان هذا في حق ذلك الرضيع وهو نداء من الشارع الحكيم لكل الآباء والأمهات من غير استثناء، لمعرفة ما عليهم من حقوق تجاه أولئك الصغار ذكورا كانوا أو إناثا، وهكذا جاءت تعاليم الإسلام بمثل هذه الحقوق من عبادات ومعاملات، وأنزل الله بها الآيات تتلى إلى يوم القيامة”
وحدثنا عما سماه الفطره فقال :
“وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص)قال: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة) ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)وفي رواية (كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه)
ومعنى الفطرة هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم وقيل: هي ما قضي عليه من سعادة أو شقاوة وقيل: هي ما هيئ له ومعنى في حضنيه في الحديث الحضن هو الجنب وقيل الخاصرة فالشيطان بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا فحين الخروج بتدبره عدوه ويضمه إليه، ويحرص على أن يجعله في قبضته وتحت أسره ومن جملة أوليائه وحزبه، فهو أحرص شيء على هذا
ويقول عز وجل في محكم التنزيل: (وشاركهم في الأموال والأولاد)ومعنى المشاركة في الآية شامل لكل معصية تعلقت بأموالهم وأولادهم من منع الزكاة والكفارات والحقوق الواجبة، وعدم تأديب أولادهم وتربيتهم على الخير وترك الشر وقد يفوت الأولاد الصغار الخير الكثير بسبب تفريط الأبوين أو أحدهما في هذه الحقوق “
والأخطاء فى الفقرة تتمثل فى التالى:
ألأول وجود فطرة أى معرفة أيا كانت فى نفس المواليد وقد نفى الله هذا تماما فالمواليد يولدون بلا أى علم بخير أو بشر أو غير ذلك فقال:
” والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا”
الثانى فوات الأولاد خير بسبب تفريط ألآباء وهو ما يناقض قوله تعالى :
” ولا تزر وزارة وزر أخرى”
فالله لا يعاقب الأولاد على ذنوب الآباء والأمهات ولا غيرهم ثم قال :
” والولد ينتفع بذلك غاية الانتفاع، ومن تلك الحقوق ما يذبح عن المولود، فأحببت الكتابة حول هذا الموضوع وأسميته (أحكام العقيقة).
ثبت في مسند الإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن قال: سئل الرسول (ص)عن العقيقة فقال: (إن الله لا يحب العقوق) وكأنه كره الاسم، قالوا: يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له، قال: (من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل.. )
قال ابن عبد البر: وكان الواجب بظاهر هذا الحديث أن يقال للذبيحة عن المولود نسيكة ولا يقال عقيقة، لكني لا أعلم أحدا من العلماء مال إلى ذلك ولا قال به، وأظنهم -والله أعلم- تركوا العمل بهذا المعنى المدلول عليه من هذا الحديث لما صح عندهم في غيره من لفظ العقيقة ونظير هذا اختلاف أهل العلم أيضا في تسمية العشاء بالعتمة، والتحقيق في الموضوعين كما يقول ابن القيم كراهية هجر الاسم المشروع من العشاء والنسيكة والاستبدال به اسم العقيقة والعتمة، فأما إذا كان المستعمل هو الاسم الشرعي ولم يهجر وأطلق الاسم الآخر أحيانا فلا بأس بذلك”
ومما سبق نجد السديس يقول أن العلماء أخطئوا بتسمية النسيكة العقيقة وهو كلام بلا دليل لأنه لا وجود للعقيقة فى الإسلام كما سيتبين فى المناقشة وقد استهل الرجل الكتاب كعادة الفقهاء بالتعريف اللغوى والاصطلاحى فقال:
“المبحث الأول معنى العقيقة
أصل العق: الشق والقطع، قال أبو عبيد: أصله الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، وإنما سميت الشاه التي تذبح عنه في تلك الحال عقيقه؛ لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح، فسميت الشاة عقيقه لعقيقه الشعر عنه وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين يولد عقيقة فإذا حلق ونبت ثانية فقد زال عنه اسم العقيقة فيقال: عق عنه يوم أسبوعه أي حلقت عقيقته وذبح عنه، فكان الذبح مع الحلق فنقل من الشعر إلى الذبح فقيل للشاة عقيقة وسمي الشعر الذي يخرج به المولود من بطن أمه عقيقة لأنه يحلق عنه وقيل للذبيحة التي تذبح عنه عقيقة لأنه يشق حلقها بسببه، فيكون المراد: إما قطع شعر الصبي، وإما شق أوداج الشاة بالذبح فالعقيقة إما أن تكون أخذت من الفعل عق، ومعلوم أن العق هو القطع والشق، وإما أن تكون من الشعر الذي على رأس المولود فسميت العقيقة باسم ذلك الشعر، فجعل العقيقة للأمرين أولى فهي الشاة التي تذبح عن المولود شكرا لله على نعمة الولد، وقيل هي الطعام الذي يصنع ويدعى إليه من أجل الولد فإذا طبخها فهو أولى فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ، يقول ابن القيم وهو زيادة في الإحسان وفي شكر هذه النعمة، ويتمتع الجيران والأولاد والمساكين بها هنيئة مكفية المؤنة، فإن من أهدى إليه لحم مطبوخ مهيأ للأكل مطيب كان فرحه وسروره به أتم من فرحه بلحم نيئ يحتاج إلى كلفة وتعب، فلهذا قال الإمام أحمد: يتحملون ذلك، وأيضا فإن الأطعمة المعتادة التي تجري مجرى الشكران كلها سبيلها الطبخ ومن ذلك العقيقة ولها أسماء متعددة فكان الطعام عند هذه الأشياء أحسن من تفريق اللحم في مكارم الأخلاق والجود والله أعلم وقال الخطابي. العقيقة اسم الشاة المذبوحة عن الولد سميت بذلك لأنها تعق مذابحها:
ومن الكلام السابق يتبين أن الأصل اللغوى غير محدد هل من طريقة الذبح أو من شعر المولود وفى المبحث الثانى تحدث السديس عن حكم العقيقة فقال:
“المبحث الثاني حكم العقيقة
اختلف أهل العلم في حكمها على ثلاثة أقوال. فمنهم من يرى أنها واجبة، ومنهم من يرى أنها سنة، ومنهم من لا يرى ذلك ويقول هي تطوع على سبيل الإباحة والجواز.
القول الأول: وهو الوجوب قال به الظاهرية.
القول الثاني: وهو قول عامة أهل العلم أنها سنة مؤكدة.
القول الثالث: وهو قول الحنفية أنها تطوع
واستدل أصحاب القول الأول بظاهر حديث سمرة بن جندب وهو قول النبي (ص)فيما رواه أحمد وأصحاب السنن (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويماط عنه الأذى ويسمى) وفي رواية (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه) وفي رواية (ويحلق ويسمى)
فهذا الحديث يقتضي الوجوب، حيث شبه لزوم العقيقة بالمولود بالرهن في يد المرتهن والرهن يجب الوفاء به وفي مسائل الإمام أحمد رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ سألت أبا عبد الله عن حديث النبي (ص)هذا ما معناه قال: إذا لم يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه
الدليل الثاني على الوجوب ما جاء عن عائشة قالت: (أمرنا رسول الله (ص)أن نعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتين)
ووجه الدلالة من الحديث الأمر بها وهذا يقتضي الوجوب وكان بريدة الأسلمي يوجبها وشبهها بالصلاة، وقال الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات الخمس
الدليل الثالث: ما رواه البخاري في كتاب العقيقة موقوفا ومرفوعا عن سلمان بن عامر قال: (مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى)ووجه الدلالة منه أن هذا يدل على الوجوب من وجهين أحدهما قوله مع الغلام عقيقته وهذا ليس إخبارا عن الواقع بل عن الواجب، ثم أمرهم بأن يخرجوا عنه هذا الذي معه فقال أهريقوا عنه دما واستدل جمهور أهل العلم بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لما سئل النبي (ص)عن العقيقة في الحديث السابق.
ووجه الدلالة: أن هذا الحديث يدل على الاستحباب ولو كانت واجبة لكان وجوبا معلوما من الدين بالضرورة، لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه وتعم به البلوى، فكان رسول الله (ص)يبين وجوبها للأمة بيانا عاما كافيا تقوم به الحجة وينقطع معه العذر وقد علقها بمحبة فاعلها فقال: (من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل) وفعله (ص)لها لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب لأن الواجب لا يقال فيه من أحب فليفعل؛ فدل على أنه كره الاسم وندب إلى الفعل وفي هذا الحديث كراهية ما يقبح معناه من الأسماء، وكان الرسول (ص)يحب الاسم الحسن ويعجبه الفأل الحسن.
وكان الواجب بظاهر هذا الحديث أن يقال للذبيحة عن المولود نسيكة ولا يقال عقيقة وفي حديث سمرة بن جندب وسلمان بن عامر الضبي السابقين لفظ العقيقة فدل على الإباحة لا على الكراهة في الاسم، وعلى هذا كتب الفقهاء في كل الأمصار ليس فيها إلا العقيقة لا النسيكة على أن هذا الحديث ليس فيه تصريح بالكراهية
أما أصحاب القول الثالث: فإن حاصل المذهب عندهم أن العقيقة مباحة أو تطوع، قال محمد بن الحسن قد كانت في الجاهلية ذبائح يذبحونها، منها العقيقة كانت في الجاهلية، ثم فعلها المسلمون في أول الإسلام فنسخها ذبح الأضحية، فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل
قال ابن عبد البر ليس ذبح الأضحى بناسخ للعقيقة عند جمهور العلماء، ولا جاء في الآثار المرفوعة ولا عن السلف ما يدل على ذلك ولا أصل له
وقد استفاضت الأحاديث أن النبي (ص)قد عق عن الحسن والحسين كما في حديث ابن عباس كما جاء ذلك عند أبي داود والنسائي أن رسول الله (ص)(عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا) وفي رواية (كبشين كبشين)
والعقيقة سنة رسول الله (ص)وفعلها أصحابه وليست من أمر الجاهلية، والآثار كثيرة مرفوعة عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين في استحباب العمل بها وتأكيد سنتها وأما الحديث السابق (إن الله لا يحب العقوق) فهو ليس على توهين أمر العقيقة عند عامة أهل العلم، ولكنه كره تسميتها بهذا الاسم على طريقته (ص)في تغيير الاسم القبيح إلى ما هو أحسن منه، فأحب أن يسميها بأحسن منه من نسيكة أو ذبيحة أو نحوها، فهذا يدل على أنه كره الاسم وندب إلى الفعل ففيه تأكيد على الاستحباب جمعا بين الأخبار قال الإمام مالك في الموطأ: وليست العقيقة واجبة ولكنها يستحب العمل بها وبهذا السياق يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه جمهور العلماء والله أعلم”
من الحديث السابق نجد أن القوم لم يناقشوا الروايات رواية نقدية فالرسول(ص) لا يمكن أن يقول كل هذا ونجد فى الروايات تناقضات عدة :
الأول أن الغلام على والده عقيقة مفردة أى واحدة فى قولهم “كل غلام مرتهن بعقيقته” وهو ما يناقض كونها اثنين أى شاتين فى قولهم: أن نعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتين”
الثانى أن العقيقة غير محددة إلا بكونها دم وهذا يعنى جواز ذبح حمامة دجاجة بطة أو شاة أو معزة وهو قول الرواية” مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دما ” وهو ما يناقض تحديدها بالشياه فى قولهم” أن نعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتين”
الثالث كون العقيقة لمن أحب فى قولهم”من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل ” وكونها واجبة فى قولهم أن نعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتين”
الرابع التناقض فى عقيقة الحسن والحسين غمرة كبش فى قولهم”عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ” ومرة كبشين فى رواية”كبشين كبشين”
وهذه التناقضات يتبين منها أن الرسول(ص) لم يقل منها أى شىء نظرا لتعدد التناقضات فى الروايات وفى المبحث الثالث تحدث عن مقدار العقيقة فقال:
“المبحث الثالث مقدار العقيقة
اختلف أهل العلم في التسوية بين الغلام والجارية في مقدار العقيقة وهل هناك تفاضل بين الذكر والأنثى، أو هما على حد سواء فيها أو هي عن الذكر دون الأنثى ثلاثة أقوال للعلماء في ذلك.
القول الأول. التسوية بينهما فلا فرق بين الذكر والأنثى في مقدار العقيقة فهما سواء من غير تفضيل، وهذا ما ذهب إليه الإمام مالك قال في الموطأ: الأمر عندنا في العقيقة أن من عق فإنما يعق عن ولده بشاة الذكور والإناث أدلة هذا القول:
1 – ما جاء في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياها، وكان يعق عن ولده بشاة شاة عن الذكور والإناث وإسناده صحيح.
2 – عن هشام بن عروة أن أباه عروة بن الزبير كان يعق عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة وإسناده صحيح.
3 – حديث ابن عباس السابق أن النبي (ص)عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا.
القول الثاني. يعق عن الجارية شاه وعن الغلام شاتان، وهذا قال به أكثر أهل العلم واستدلوا على ذلك بدليلين:
1 – عن أم كرز الكعبية قالت سمعت رسول الله (ص)يقول: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) وفي رواية يلفظ (مثلان) قال أبو داود سمعت أحمد أي مستويتان ومتقاربتان
2 – عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص)(أمرهم عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجاية شاة). قال الترمذي حديث عائشة حديث حسن صحيح.
القول الثالث: هو ما انفرد به الحسن البصري لا يعق عن الجارية وإنما يعق عن الغلام فكان لا يرى عن الجارية عقيقة واستدل على ذلك بحديث سمرة بن جندب وسلمان بن عامر الضبي السابقين.
ووجه الدلالة منهما أن الغلام يطلق ويراد اسم الذكر دون الأنثى، ولأن السرور يختص بالغلام دون الجارية فالعقيقة شكر للنعمة الحاصلة بالولد والجارية لا يحصل بها سرور فلا يشرع لها عقيقة
والصحيح -والله أعلم- من هذه الأقوال الثلاثة القول الثاني، وهو قول جمهور العلماء وقد رجح هذا القول ابن القيم رحمه الله وقال: وهذه قاعدة الشريعة فإن الله سبحانه فاضل بين الذكر والأنثى، وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق والعقيقة ”
ومن الحديث السابق يتبين التناقض فى مقدر العقيقة حيث ساوت بين الذكر والأنثى من الأولاد فى روايات وفرقت بينهما فى روايات والغريب أن الروايات تحدثت عن الأولاد ولم تتحدث لا عن غنى أو فقر الآباء وهو أهم شىء فى المسألة وفى المبحث الرابع تحدث عن وقت ذبح العقيقة فقال :
“المبحث الرابع وقت العقيقة
تكاد تتفق كلمة الفقهاء في وقت العقيقة وهو اليوم السابع لما جاء في حديث سمرة ابن جندب السابق من قوله صلى الله عليه وسلم: (تذبح عنه يوم سابعه) وفي مسائل الإمام أحمد رواية الكوسج قلت: متى تذبح العقيقة؟ قال يوم السابع ، قال أبو داود: سمعت أحمد قال: العقيقة تذبح يوم السابع وفي مسائل ابنه صالح، وكان يستحب لمن عق عن ولده أن يذبح عنه يوم السابع
وقال مالك: ولا يعق عن المولود إلا يوم سابعه ضحوة، فإن جاوز يوم السابع لم يعق عنه، وقد روي عنه أنه يعق عنه في السابع الثاني، ولا يعد اليوم الذي ولد فيه، إلا أن يولد قبل الفجر من ليلة ذلك اليوم ولقد اختلف أصحاب مالك في مبدأ وقت الإجزاء فقيل وقت الضحى وقيل بعد الفجر قياسا على قول مالك في الهدايا فيحسب يوم الولادة إن ولد قبل الفجر أو معه، ولا يعد اليوم الذي ولد فيه إن ولد بعد الفجر وقيل: يحسب إن ولد قبل الزوال لا بعده
وقال مالك أيضا إن مات قبل اليوم السابع لم يعق عنه.
وقال الليث: يعق عن المولود في أيام سابعه كلها في أيها شاء فإن لم يتهيأ لهم العقيقة في سابعه، فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك، وليس بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام
وعند الشافعية السنة ذبح العقيقة يوم السابع من الولادة، وهل يحسب يوم الولادة من السبعة؟
فيه وجهان: أصحهما يحسب فيذبح في السادس مما بعده، والثاني: لا يحسب فيذبح في السابع مما بعده وهو المنصوص عندهم، ولكن المذهب الأول، فإن ولد ليلا حسب اليوم الذي يلي تلك الليلة بلا خلاف بينهم، فلو ذبحها بعد السابع أو قبله وبعد الولادة أجزأه وإن ذبحها قبل الولادة لم تجزه بلا خلاف بل تكون شاة لحم
هذه السنة أن تذبح العقيقة في اليوم السابع، فإن فات ذلك اليوم ففي أربعة عشر فإن فات ففي إحدى وعشرين وهذا يروى عن عائشة فيما رواه الحاكم في المستدرك عن أم كرز وأبي كرز قالا: نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورا فقالت عائشة (لا بل السنة أفضل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم، فيأكل ويطعم، ويتصدق وليكن ذلك يوم السابع فإن لم يكن ففي أربعة عشر فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين)
وإن ذبح العقيقة قبل ذلك أو بعده أجزأه لحصول المقصود به، فإن تجاوز إحدى وعشرين فيستحب في كل سابع فيجعله ثمانية وعشرين، فإن لم يكن ففي خمسة وثلاثين، وعلى هذا قياسا على ما قبله، ويحتمل أن يجوز الذبح في كل وقت لأنه قضاء فائت.
وماذا بعد البلوغ هل يعق عن نفسه؟
ذهب جمهور العلماء إلى عدم فعل العقيقة بعد البلوغ، وإذا بلغ فلا عقيقة عليه وسئل أحمد عن المسألة فقال. ذلك على الوالد، يعني لا يعق عن نفسه؛ لأن السنة في حق غيره، فأكثر أهل العلم على أنه يعق عن الذكر والأنثى الصغيرين فقط، ودليل ذلك نص الحديث (يوم سابعه).
وشذ من العلماء من قال يعق الكبير عن نفسه، ويستدل على ذلك بحديث أن النبي (ص)عق عن نفسه بعدما بعث بالنبوة، رواه عبد الرزاق عن عبد الله بن محرز عن قتادة عن أنس، قال: عق رسول الله (ص)عن نفسه بعدما بعث بالنبوة قال ابن عبد البر: وعبد الله بن محرز ليس حديثه حجة وقال في المجموع: وهذا حديث باطل، قال البيهقي هو حديث منكر وروي من وجه آخر
عن قتادة ومن وجه عن أنس وليس بشيء، قال أحمد: حديث عبد الله بن محرز عن قتادة عن أنس أن النبي (ص)عق منكر، وعبد الله بن محرز ضعيف وبهذا يتبين رجحان ما ذهب إليه جمهور أهل العلم أن العقيقة عن الذكر والأنثى الصغيرين فقط، وأن الكبير لا يعق عن نفسه.
مسألة: إذا اجتمع وقت عقيقة ووقت أضحية فهل تجزئ إحداهما عن الأخرى؟ هذا محل خلاف بين العلماء على قولين أحدهما: الإجزاء وذلك لحصول المقصود منها بذبح واحد، كما لو صلى ركعتين ونوى بهما تحية المسجد والسنة المكتوبة، أو صلى بعد الطواف فرضا أو سنة مكتوبة وقع عنه وعن ركعتي الطواف، وكذلك لو ذبح المتمتع والقارن شاة يوم النحر أجزأ عن دم المتعة وعن الأضحية.
الثاني: عدم الإجزاء وذلك لأن كل واحدة منهما ذبح مستقل عن الأخرى، فهما بسببين مختلفين فلا يقوم الذبح الواحد عنهما كدم المتعة ودم الفدية. قال الإمام أحمد في رواية حنبل أرجو أن تجزئ الأضحية عن العقيقة “
من الفقرة أو المبحث السابق يتبين التناقض فى روايات التوقيت كما يتبين التناقض فى اجتماع العقيقة والأضحية
الغريب فى الروايات أنها تتحدث عن المسلمين وكأنهم كلهم أغنياء لا يوجد منهم فقير ولا محتاج وهو الأصل فى أى تشريع مالى فالله مثلا فرض التصدق قبل مناجاة وهو حديث النبى(ص) ثم نسخ الحكم نتيجة أن المسلمين امتنعوا عن حديث النبى(ص) لأن الكثير منهم لم يكن يملك مالا للصدقة ومن ملك مالا بخل به وفى هذا قال تعالى :
وتحدث السديس عن صفة العقيقة فقال:
“المبحث الخامس صفة العقيقة
أجمع العلماء أنه لا يجوز في العقيقة إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية، قال مالك: فإنما هي بمنزلة النسك والضحايا، لا يجوز فيها عوراء ولا عجفاء ولا مكسورة ولا مريضة ولا العضباء، كما في الأضحية سواء؛ لأنها تقاس عليها
وقد أخبر النبي (ص)أن ما يذبح عن المولود إنما ينبغي أن يكون على سبيل النسك، كالأضحية والهدي فقال (ص)(من أحب أن ينسك عن ولده فيفعل) فجعلها على سبيل الأضحية والنسك فيستحب فيها من الصفات ما يستحب في الضحايا والهدي ويتجنب فيها من العيوب ما يتجنب في الأضحية على حد سواء من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم، وأيها أفضل هذا محل خلاف بين الفقهاء.
فذهب الظاهرية إلى أنه لا يجزئ في العقيقة إلا ما وقع عليه اسم شاة، إما من الضأن وإما من المعز فقط الذكر والأنثى، ولا يجزئ غيره لا من الإبل ولا من البقر، ولا يجزئ ما دونهما مما لا يقع عليه اسم شاه
وتمسكوا بما ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم: (عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا) وحديث (عن الجارية شاة وعن الغلام شاتان). فهذه الأحاديث جاءت نصا في الغنم دون الإبل والبقر؛ فلا يجزئ في العقيقة إلا ذلك.
وعند الشافعية: المذهب أن الأفضل البدن ثم البقر ثم الضأن فما كان أعظم وأكثر نفعا فهو الأفضل، واستدلوا على ذلك أن النبي (ص)فاضل بين الإبل والبقر والغنم، كما في حديث يوم الجمعة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله (ص)قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن. ) الحديث رواه البخاري ومسلم وهذا التفاضل في بهيمة الأنعام دليل على تقديم البدن من الإبل والبقر قياسا على الهدايا لأنها نسك.
والوجه الثاني عند الشافعية: أن الغنم أفضل من الإبل والبقر، والوجه الأول هو المذهب وهو أصح الوجهين
وأما المالكية والحنابلة: الأفضل فيها الضأن كالأضحية. واستدلوا على ذلك بحديث عقبة بن عامر قال (كنا نضحي مع رسول الله (ص)بالجذع من الضأن) فالعقيقة تقاس عليها وللمالكية في الإجزاء بالإبل والبقر روايتان الصحيح والمذهب الإجزاء، أما الحنابلة فتجزئ الإبل والبقر ولكن شرط أن تكون كاملة فلا يجزئ سبع بقرة أو سبع بدنة، وهذا ما تخالف فيه العقيقة الهدي والأضاحي عندهم
فالعقيقة يسلك فيها مسلك الضحايا في سنها والتسمية عليها عند الذبح، والأكل والتصدق منها، والهدية والادخار وعدم البيع فلا يباع من لحمها شيء ولا من جلدها ويأكلون ويتصدقون من لحمها، ومن أهل العلم من يرى أنه لا يكسر عظمها تفاؤلا بالسلامة للمولود ويستدلون على ذلك بما ورد عن عائشة أنها قالت (والعقيقة تطبخ أجدالا ولا يكسر لها عظم) رواه الحاكم
مسألة: أيهما أفضل ذبح العقيقة أو التصدق بثمنها؟
لا شك أن الذبح أفضل فهو عبادة ومن أفضل القرب إلى الله، وقد قرنها جل وعلا بالصلاة في مواضع كثيرة، كقوله تعالى. (فصل لربك وانحر) وقوله (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) وذلك لشرف هاتين العبارتين وفضلهما ودلالتهما على محبة الله تعالى وإخلاص الدين له والتقرب إليه بالقلب واللسان والجوارح وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال لما هو أحب إليها وهو الله تعالى.
ومن أخلص في صلاته ونسكه استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله وأقواله
وقد سئل أحمد عن العقيقة استقرض فقال: واني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول الله (ص)واتبع ما جاء عنه قال ابن المنذر: صدق أحمد إحياء السنن واتباعها أفضل، ولهذا لو تصدق بأضعاف القيمة في الأضحية أو دم التمتع والقران فلا يقوم مقام الذبح بحال، فالعقيقة ذبيحة أمر النبي (ص)بها فكانت أولى من الصدقة”
الغريب فى المناقشة السابقة هو أن السديس والفقهاء تجاهلوا فى الصفة رواية ” مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دما”فكلمة دم تطلق على الطيور كما تطلق على الأنعام وفى المبحث السادس تحدث عن حلاقة رأس المولود فقال:
“المبحث السادس حلق رأس المولود
أما حلق رأس الصبي عند العقيقة فإن العلماء يستحبون ذلك، وقد ثبت ذلك عن النبي (ص)في حديث سمرة بن جندب السابق ولما جاء أن النبي (ص)قال لفاطمة لما ولدت الحسن: (احلقي رأسه)
وفي حديث سلمان بن عامر قوله (وأميطوا عنه الأذى) قال الخطابي: معنى إماطة الأذى حلق الرأس وإزالة ما عليه من الشعر
وكره أهل العلماء أن يلطخ رأس الصبي بدم كما كان يفعله أهل الجاهلية، وإنه نسخ في الإسلام وشذ من العلماء من قال: يمس رأس الصبي بقطنة قد غمست في الدم لما جاء عن بريدة الأسلمي -رضي الله عنه- يقول (كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران)
قال ابن عبد البر: انفرد الحسن وقتادة بأن الصبي يمس رأسه بقطنة قد غمست في دم، وأنكر جمهور العلماء ذلك وقالوا كان هذا في الجاهلية فنسخ بالإسلام واحتجوا لحديث سلمان بن عامر قوله (وأميطوا عنه الأذى) وقالوا كيف يأمر بإماطة الأذى عنه ويحمل على رأسه الأذى، وهذا يقتضي أن لا يمس رأسه بدم لأنه أذى وجاء في سنن ابن ماجه أن النبي (ص)قال (يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم) وقال إسناده حسن
وأنكر العلماء حديث همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة قوله في الحديث (ويدمي) وقالوا هذا وهم من همام؛ لأنه لم يقل أحد في ذلك الحديث (ويدمي) غيره وإنما قالوا (ويحلق رأسه)
قال أبو داود: وهذا وهم من همام، وقالت أيضا: ويسمى أصح، كذا قال سلام بن أبي
مطيع عن قتادة، وإياس بن دغفل وأشعث
قال أحمد: وما أراه إلا خطا وقيل: هو تصحيف
ومما يتعلق بالحلق مسألة القزع وهي حلق بعض الرأس وترك بعضه، فالقزع أن يحلق رأس الصبي ويترك منه مواضع فيها الشعر متفرقة
وثبت النهي عنه وصح عن النبي (ص)فيما رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن من حديث ابن عمر (نهى عن القزع) وفي لفظ (احلقه كله أو دعه كله) وهو أنواع:
1 – أن يحلق من رأسه مواضع ههنا وههنا.
2 – أن يحلق وسطه ويترك جوانبه.
3 – أن يحلق الجوانب ويترك الوسط.
4 – أن يحلق المقدمة ويترك المؤخرة.
وهذا كله مذموم، وقد أجمع العلماء على كراهة القزع، والحكمة في كراهته أنه تشويه للخلق، وقيل لأنه أذى، وقيل لأنه زي اليهود، والله أعلم “
فى رواية حلق أو إماطة الأذى عن المولود خبل فالشعر لا يسمى أذى كما أن المولود لابد من تنظيفه بعد الولادة إما بغسله أو بتنظيفه بقطن أو ما شابه ولا يمكن ان يظل أسبوعا بدماء الولادة دون غسله أو بل جلده بماء والسؤال ما الذى يوجب حلق شعر المولود وهو غالبا قصير جدا وخفيف ؟
قطعا هذا الكلام ليس له أساس من وحى الله وتحدث عن تسمية المولود فقال:
“المبحث السابع تسمية المولود
يستحب أن يسمى المولود في اليوم السابع ويجوز قبله وبعده، وجاءت الأحاديث الصحيحة بذلك كما في حديث سمرة بن جندب السابق وجاء فيه (ويسمى) وإن سماه قبل السابع جاز، كما في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم)
ففي هذا جواز تسمية المولود يوم ولادته، وسمى (ص)الغلام الذي جاء به أنس بن مالك -رضي الله عنه- عبد الله
والأمر في التسمية واسع، والواجب أن يسمى بأحسن الأسماء؛ لما جاء في الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم)
وقال (ص)في حديث ابن عمر (إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) رواه مسلم.
وفي سنن أبي داود قال صلى الله عليه وسلم: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة) وإنما صار الحارث وهمام من أصدق الأسماء من أجل مطابقة الاسم معناه؛ لأن الحارث هو الكاسب يقال حرث الرجل إذا كسب قال الله سبحانه وتعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه) الحرث العمل والكسب ومنه سمي الرجل حارثا، وهمام من هممت بالشيء إذا أردته وما من أحد إلا وهو في كسب أو يهم بشيء، وإنما صار حرب ومرة من أقبح الأسماء لما في الحرب من المكاره، وفي مرة من المرارة والبشاعة. وكان رسول الله (ص)يحب الفأل الحسن والاسم الحسن وقد اتفق العلماء على استحسان الأسماء المضافة إلى الله، كعبد الله وعبد الرحمن وما أشبه ذلك، واختلفوا في أحب الأسماء إلى الله فقال الجمهور وأحبها إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وقال سعيد بن المسبب: أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء.
والحديث الصحيح فيما رواه مسلم من حديث ابن عمر السابق يدل على أن أحب الأسماء إليه عبد الله وعبد الرحمن وما أشبه ذلك من الأسماء المضافة إلى الله ، والله أعلم.
ويكره التسمي بأسماء الملائكة مثل جبريل وميكائيل؛ لأن عمر بن الخطاب قد كره ذلك، ولم يأتنا عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه سمى ولدا باسم أحد منهم”
المهم فى التسمية هو ان يكون اسما حسنا موافق لأحكام الإسلام والمسألة خارجة عن موضوع العقيقة
حكم العقيقة أيا كان لا يمكن أن يكون موجودا فى الإسلام لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وأغلب الناس لا يقدرون على ذبح الشاتين أو الشاة لكونهم فقراء أو متوسطى حال والله لا يفرض على المسلم ما فيه حرج أى أذى له وهذه العقيقة أذى حيث يستدين الرجل لعملها وفى تحريم الحرج قال تعالى :
“وما جعل الله عليكم فى الدين من حرج”
وكل حكم مالى نجد مداره على وجود من يدفع وهم الأغنياء ومن يأخذ وهم غالبا المحتاجين والفقراء وهذا الحكم المالى فرض على الكل وهو ما يتنافى فى مدار الأحكام المالية
كما أن الأمر ليس ورث حتى يتم التفرقة بين الولد والبنت فيه فالله لم يفرق بينهما إلا فى الورث والشهادة وجعل لهذا أسباب وأما حكاية الذبح فليس هناك سبب واضح له فيها
ونجد أن حكم العقيقة يبدو أن وضعوه فى الروايات التى ينسبونها للإسلام وهو منها براء اقتبسوه من العهد القديم حيث العقيقة بزوج من الحمام أو اليمام وهو شىء هين إذا قيس بثمن الشياه واستبدلوا فيه الحمام واليمام بالشياه