مؤلف الكتيب هو خالد بن صالح الغيص من أهل العصر والرجل هنا يتكلم عن مشكلة وهى أن بعض النساء يعتقدن حاليا أن التعليم للحصول على وظيفة هو ضمان للمستقبل أو بالأحرى ضمان لعدم الجوع والتشرد وهذه النظرة ناتجة من الحياة في مجتمعات يحكمها الكفر فالنظم الحاكمة السابقة والحالية لا تطبق أحكام الله والتى تضمن لكل إنسان حياة كريمة ومن ثم ضاع الكثيرون نتيجة هذا النظم فمنهم من جن ومنهم من يعمل شحاذ ومنهم من ينام في الشوارع لعدم وجود مأوى مع أن البيوت الخاوية كثيرة
لا يمكن ان يتكلم أحد عن هذا الاعتقاد أو غيره من المعتقدات الأخرى الخاطئة مع أنها حاليا ليست خاطئة في ظل الحكم بحكم الجاهلية لأنها اعتقادات اضطرارية ألجأت الحاجة والضرورة معتقديها لها
وقد شرح الغيص المعادلة النسائية فقال:
“تنتشر في هذه الأيام بين بعض النساء – وحتى بعض الرجال خصوصا الآباء منهم – المقولة المشهورة والتي يصح لي أن أطلق عليها مصطلح ” المعادلة النسائية ” وهي: أنه حتى تضمن المرأة مستقبلها فعليها أن تجتهد في الدراسة حتى تحصل على الشهادة الجامعية أو ما يعدلها ومن ثم تدخل وتشارك في سوق العمل خارج البيت”
وحاول الغيص بيان ما في تلك المعادلة من مخالفات للشرع فقال :
“وهذه المقولة – أو المعادلة النسائية – في ظاهرها أنها لا شيء فيها وأنها كغيرها من كلام الناس المباح، ولكن عند التأمل والتفحص نجد أنها تنم عن معان باطلة وتصادم حقائق شرعية ثابتة من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ولها كذلك آثار سيئة.
فهي تصادم حقيقة: أن الأرزاق بيد الله كما قال تعالى:
“قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير (26) تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب (27) “
وقال أيضا:
” أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (52) “
وقال كذلك:
“أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون (32) “
وقال جل وعلا:
“وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم (165) “
والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة في كتاب الله، فليس كل من سلك سبيلا للرزق حصل عليه وإلا لما كان هناك فقير ولا مسكين، فلو أن كل من أراد أن يكون غنيا وبذل السبب الموصل الى ذلك حصل له مراده لأصبح كل الناس أغنياء كما قيل في المثل:
” لو أن كل من جاء ونجر … ما ظل في الوادي شجر ”
وقيل أيضا: ” لو جريت جري الوحوش … غير رزقك ما تحوش “، وكذلك ظن بعض النساء: أنه بدراستها وعملها خارج بيتها يضمن لها مستقبلها، فهذا الظن ليس بالضرورة يكون صحيحا، فالله تعالى وان كان قد شرع لعباده السعي في طلب الرزق كما قال عز وجل: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور (15) الملك، إلا أنه أمرنا أن نتوكل عليه ونتعلق به لا أن نتعلق بالسبب، ثم أمرنا أن نعتقد أن قسمة الأرزاق بيده وحده لا بيد غيره كما بينت الآيات السالفة، وأمرنا كذلك أن نجمل في الطلب وأن لا نأت بالوسائل والأسباب غير المشروعة فعن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تستبطئوا الرزق فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه آخر رزق هو له فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال وترك الحرام) رواه ابن حبان وصححه الالباني، قال في المرقاة: قال الطيبي رحمه الله قوله فأجملوا أي اكتسبوا المال بوجه جميل وهو أن لا تطلبه إلا بالوجه الشرعي. “
الغيض هنا غافل عن أنه يتحدث عن الحياة في مجتمع مسلم بينما الواقع الذى يتحدث عنه هو أننا نعيش في مجتمعات كافرة ونظمها هى التى أنتجت تلك الاعتقادات ومن ثم فالحكم ليس شكا في رزق الله لأن رزق الله يأخذه الحكام الكفرة ويوزعونه على هواهم دون عدل ومن ثم ما يراه الرجل والنساء من الفقراء والمحتاجين هو أنهم من الممكن أن تحدث لهم المصائب ولذا يضطرون للعمل في أعمال محرمة دون إرادتهم ويضطرون لاعتقادات كالمعادلة النسائية وكل هذا وغيره يدخل تحت حكم قوله تعالى :
” إلا ما اضطررتم إليه”
فأنت مضطر لكى تبقى على قيد الحياة أنت وأسرتك لعمل ما لا ترضاه وهو أمر غفر الله لمن يعمله فقال تعالى :
” وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم “
ثم بين المخالفة الثانية وهى عدم قرار النساء في البيوت فقال:
“فالمرأة المسلمة مأمورة في شرع الله وحكمه بالقرار في البيت كما قال تعالى:
“وقرن في بيوتكن (33) “
وقد أراد الله منها أن تكون في كنف وكفالة ورعاية الرجل سواء كان أبا أو زوجا أو غيرهما كما قال تعالى:
“الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم (34)
فلا تأنف المرأة المسلمة من ذلك فهذا حكم الله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في اللقاء المفتوح: الزوج بالنسبة للزوجة سيد، كما قال الله تعالى: (وألفيا سيدها لدى الباب) [يوسف:25] والزوجة بالنسبة للزوج أسيرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم) والعواني جمع عان والعاني هو الأسير، إذا فالزوج سيد، والزوج أيضا راع على أهله، نصبه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينصبه أحد من الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) 17/ 9، فخروج المرأة المسلمة للعمل خارج بيتها يخالف ذلك كله فعليها أن تتقي الله وأن تسال الله من فضله (وان كان هناك استثناء وشروط لعمل المرأة خارج بيتها – كما ذكر العلماء – لكن هذا الاستثناء لا يكون هو الأصل ويقدر بقدره)”
الغيص هنا يتكلم عن وضع غير موجود فالمجتمعات لا توفر عملا لكل الرجال وتقوم بفصل البعض منهم من أعمالهم بحجج مختلفة وهم متزوجون ولهم أسر
المرأة نادرا جدا ما تعمل إلا مضطرة والنظم الحاكمة هى من تضطرها بتشريعاتها الظالمة إلى ذلك وزد على هذا أن النظم الحاكمة لكى ترضى أسيادها من الكفار تعمل على تشغيل النساء
ومن ثم قبل أن نتحدث عن طاعة الشريعة يجب وجود مجتمع مسلم يكفل الحقوق لكل فرد فيه والشريعة نفسها هى التى أباحت أمورا محرمة بسبب الاضطرار بقوله تعالى :
“إلا ما اضطررتم إليه”
وتحدث الغيص عما سماه ضمان المستقبل فقال :
“وأيضا هذه المعادلة النسائية في شقها الآخر وهو: ” ضمان المستقبل ” ففيه ما يعجب منه المسلم: فسبحان الله كيف تمر هذه الكلمة الشنيعة على المرأة المسلمة وعلى غيرها هذا المرور من غير نكير، فكيف يصح لمسلمة أو مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقولها، فعلم الغيب من علم الله تعالى الذي لا يعلمه إلا هو وضمان المستقبل بيده وحده لا بيد غيره، يقول تعالى:
إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير (34) “
وقال أيضا:
“قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (188)”
، وقال جل وعلا:
” وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم (107) “
وللأسف هذه الحقائق الإيمانية البدهية المعلومة من الدين بالضرورة أصبحنا نحتاج الى تبيانها في هذا الزمان!! إنها المادية والغفلة عن الآخرة والدين، لقد كانت هذه الحقائق في السابق معلومة لدى كبار السن والعجائز بالفطرة وأضحينا نحتاج الى تبيانها في زمن العلم والذرة وثورة الاتصالات!! ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمن الذي يؤكد للمرأة أنها اذا حصلت على الشهادة الجامعية أو العمل الوظيفي أنها تضمن مستقبلها وتنال ما تريده وتعيش سعيدة، فكم امرأة شقيت بشهادتها الجامعية وأصبحت وبالا عليها، وكم امرأة خربت وهدمت بيتها بسبب انشغالها بعملها خارج البيت عن زوجها وأبنائها، وكم امرأة أصابها العناء بسبب خروجها من بيتها الى سوق العمل، فهذه الإحصائيات والدراسات في العالم الغربي والشرقي تثبت ذلك ولكن للأسف الأعلام المضلل لا يسلط الضوء عليها، فبعد أن فاتها قطار العمر تود لو أنها استقبلت من أمرها ما استدبرت حتى تصحح مسارها!! ولكن هيهات، لقد رأيت بعيني في قناة الجزيرة مظاهرة احتجاجية لأكثر من سبعة آلاف طبيب وطبيبة في احدى الدول العربية يحتجون على البطالة وعدم وجود وظيفة، إنها الأرزاق التي يصرفها الله كيف يشاء، يرزق من يشاء بشهادة جامعية أو بغيرها كما رزق العصفور الصغير بجانب النسر الكبير، فهذه أمهاتنا وجداتنا غدين ملكات في بيوتهن يأمرن وينهين ويطيعها ويطلب رضاها أكبر رجل في بيتها – وقد يكون في الخارج وزيرا أوغيره – وما نالت ذلك بشهادة جامعية ولا عمل خارج بيتها وإنما نالته – بعد قدر الله لها – بطاعتها لربها بلزوم بيتها والقرار فيه وبصبرها على زوجها وعلى تربية أبنائها وما فاتها من الدنيا إلا مالم يكتبه الله لها”
هذا الكلام عن ضمان المستقبل هو كلام خاطىء فما تفعله النساء يفعله الغيص وغيره عندما يخزنون طعاما في البيت أو عندما يدخرون مالا كى يعملوا أمورا في المستقبل
فالمرتب وهو ضمان المستقبل المزعوم عند النساء هو ليس شيئا مضمونا عند العاملات في القطاع الخاص وحتى القطاع الحكومى لا يوجد فيه شىء مضمون خاصة في المؤسسات الاقتصادية فمن الممكن ان تبيع الحكومات المؤسسات ويقوم الشراة بتسريح العمالة الموجودة لجلب عماله أقل أجورا
الحديث في الحقيقة ليس ضمان للمستقبل لأنه لا أحد يضمنه بالفعل ولكن كلام الغيص يخالف الحقيقة فالنساء المضطرات للعمل تبحث عن إطعام نفسها أو أسرها والبقاء على قيد الحياة دون أن تحتاج لأن تشحذ من غيرها أو تستدين مع أنهم يعملن ويستدن لتزويج البنات على وجه الخصوص ويدخلن السجون غالبا
وكان على الغيص أن يقعد مع بعض النساء ليس في بلده لأنها مختلفة نوعا ما عن بقية بلادنا حيث ينتشر الفقر والحاجة انتشارا عظيما
وقال الغيص مبررا كلامه :
“فهل فكر أحدنا بهذا السؤال: هل اختار لنفسه أنه يولد هنا أو هناك؟! هل اختار لنفسه أنه يولد في بلد الخير والسعة أم يولد في بلد الفقر والمجاعات؟!! لا والله،،، إنها إرادة الله وقضاؤه وقدره، اذن فليحمد الله من أنعم الله عليه بالخير الكثير وليشكره عليه، وليصبر وليحتسب من ضيق عليه في رزقه، ولنسلك السبيل المشروع في طلب الرزق الذي يرضى الله به علينا من غير افراط ولا تفريط، والسبب المشروع للمرأة المسلمة في طلب الرزق هو أن تكون في كفالة الرجل ورعايته وسيأتيها ما قدر لها ولابد، وأي شك في ذلك فمن ضعف الإيمان.
وهذه المفاهيم التغريبية التي يراد للمرأة المسلمة أن تتبناها نراها تروج خصوصا في دول الخليج العربي التي تعيش فيها غالبية النساء في عيش رغيد ولا تحتاج فيها المرأة للعمل خارج البيت – في الغالب – إلا لتحصيل الكماليات وللخروج من سلطة الرجل وهذا خلاف مايريده الله تعالى للمرأة المسلمة كما أسلفت، فلا تطلب المرأة المسلمة الشقاء لنفسها ولغيرها ببطرها لنعمة الله التي أنعم بها عليها، فقد ضرب الله لنا مثلا في مملكة سبأ حيث جعل الله بينها وبين القرى التي بارك الله فيها قرى ظاهرة، كما قال تعالى:
“وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين (18) فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (19) “
فطلبوا العناء والشقاء وسئموا نعمة الراحة فعاقبهم الله على بطر النعمة، وكما قص الله تعالى علينا من قول بني اسرائيل حين سئموا وملوا المن والسلوى وطلبوا الأدنى فأعطاهم ما يريدون عقوبة لهم لا مكرمة كما قال تعالى:
” وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (61) البقرة، وما ضرب الله تعالى هذه الأمثلة في القرآن إلا لنعتبر ونتعظ فلا تخدعنا هذه المعادلة النكراء، فليس عندنا عهد من الله ألا يصيبنا ما أصابهم كما قال تعالى: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا (123) “
ما يقوله الغيص عن إشاعة عمل المرأة في الخليج من قبل المغربين هو كلام غير صحيح فالنظم الحاكمة هى من تحاول أن توجد للنساء أعمال والسبب هو :
أن المرأة اسهل قيادا في العمل ولا تعترض إلا نادرا وأما الرجال فهم أصعب قيادا ويعترضون وعندما تزيد نسبة المتبطلين من الرجال وهو أمر مطلوب من قبل الأنظمة فإنهم ينكسرون أمام إنفاق نساءهم عليهم
وعندما ينكسر الرجل في أسرته فلن يفكر في فساد البلاد والعباد لأنه سينطوى غالبا على نفسه ولن يشارك في بناء المجتمع
إنها عملية ممنهجة من قبل الأنظمة الحاكمة ومن يحركها من أسيادها في الخارج حتى لا تقوم قائمة لشرع الله