قائل الخطبة سامى الحمود وقد استهلها بمقدمة الخطباء التقليدية وهى الحمد لله والصلاة على رسول الله فقال:
“الحمد لله .. الحمد لله (الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته، وهو الولي الحميد) .. خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى ، فجعله غثاء أحوى .. السماء بناها، والأرض دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. الكرم صفة من صفاته، والجود من أعظم سماته، والعطاء من أجل هباته، فمن أعظم منه جودا سبحانه، يده ملأى، لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، بيده الميزان يخفض ويرفع .. (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، حبيب قلوبنا ، وقرة عيوننا ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ، أما بعد .”
وبعد ذلك ذكر آية الاستغفار التى قالها نوح(ص) والتى ينزل بناء على الاستغفار فيها الغيث أى المطر فقال:
“أيها الناس ، اتقوا ربكم واستغفروه .. (استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) .”
وحدثنا عن موجة الجفاف فى البلاد ثم سقوط المطار وفرحة الناس فقال:
“عباد الله .. نضبت الآبار، ويبست الأشجار، وذبلت الأزهار، وقلت الثمار .. ومات الزرع، وجف الضرع .. الأرض قد قحطت، والمواشي قد هزلت، والقلوب قد يئست .. وبينما الناس كذلك، إذا برحمة الله تنزل، فرويت الأرض، وجرت الوديان، وامتلأت الآبار، وسالت العيون، وفاضت السدود برحمة الله وفضله .
ووالله، لولا الله ما سقينا ولا تنعمنا بما أوتينا
لقد فرح بهذه النعمة الصغار والكبار، والصالحون والمقصرون .. ترى البهجة والسرور في وجوههم، استبشارا برحمة ربهم .. بل لم تدع الفرحة فرصة لآخرين، فانطلقوا بسياراتهم ، إلى أماكن اجتماع السيول ونزول الأمطار ط
وبناء على نزول المطر تحدث الرجل عن وقفات مع المطر فقال:
“وبمناسبة نزول الأمطار، هذه بعض الوقفات على وجه الاختصار .
(ولقد صرفناه بينهم ليذكروا):
أيها المؤمنون، إن في نزول الأمطار وتصريفها بين البلاد، عبرة لأولي الأبصار، وعظة للعصاة والفجار، قال تعالى: (وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا ، لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ، ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا) .
علينا أن نتذكر بنزول المطر، أن الله تعالى هو وحده القادر على إنزال الغيث ، وأن من الخطأ العظيم أن ينسب إنزال المطر إلى غيره من الكواكب والأنواء وارتفاع الضغط الجوي وانخفاضه أو غير ذلك من الأسباب، فعن زيد بن خالد الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) رواه مسلم “
وهذا الكلام هو تذكير بقدرة الخالق وحده على إنزال المطر على مناطق دون مناطق ومن ثم لا عبرة بما يقال فى الأرصاد الجوية التى هى عبارة عن خبر عام لا يحدد مناطق نزول المطر من المناطق التى لا ينزل فيها وإنما يقول سينزل المطر فى منطقة كبيرة دون ان يحدد البلدات والشوارع فيها و…. والله وحده من يعلم المناطق بالتحديد وأى مكان سترتفع درجة حرارته وأى مكان ستنزل درجة حرارته …ومن ثم فالأرصاد الجوية عبارة عن توقعات فقط قد تصدق وقد تكذب
وتحدث عن آية أخرى وهى احياء الأرض الميتة بالمطر فقال:
“عباد الله، علينا أن نتذكر أيضا، أن في إنزال المطر وإحياء الله الأرض بعد موتها عبرة وآية لقدرته تعالى على إحياء الموتى يوم القيامة، قال سبحانه: (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير) .”
وأعلن الرجل أن المطر نعمة يجب شكر الله عليها فقال:
“لئن شكرتم لأزيدنكم:
عباد الله، المطر نعمة من نعم الله، تستوجب شكر المنعم سبحانه الذي أنزله الله علينا ، فلولا فضله ورحمته ما سقينا .. اشكروا الله بالثناء عليه بألسنتكم، والتحدث بنعمته، واشكروا الله بالقيام بطاعته والإنابة إليه ،أكثروا من شكره، فهو سبحانه يحب الشاكرين، ويزيد النعم عند شكرها، قال تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) .. وقال سبحانه: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) ..وقال سبحانه: (أفرأيتم الماء الذي تشربون ، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ، لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون) .
فاللهم لك الشكر على آلائك التي لا تعد ولا تحصى، اللهم لو شئت لجعلت ماءنا أجاجا، ولكن برحمتك جعلته عذبا زلالا، فلك الحمد والشكر لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك .”
وقطعا الشكر المطلوب ليس كما قال الحمود شكرا كلاميا وإنما هو طاعة أحكام الله فى كل وقت
وحدثنا هل المطر رضا من الله أم شىء أخر فأجاب فقال:
“هل المطر دليل رضا الله؟
إن إنزال المطر ليس بالتأكيد دليلا على رضا الله عن خلقه، فها هي دول الكفر والضلال ينزل عليها المطر يوميا وعلى مدار العام .
فلا يظن الواحد منا أن هذا المطر دليل رضا الله عن العباد، أو هو جزاء مستحق لما قدمناه من أعمال؟
نقول هذا: وفينا من لا يزال مصرا على الذنوب والعصيان، أو الظلم والعدوان، والتقصير في حق الله، أو ظلم عباد الله.
ليست القضية بالمكافأة، بل هي رحمة الله الواسعة ، ووالله ثم والله ، لولا رحمة الله بنا ، وحلمه علينا، ما رأينا هذا الخير.”
إذا المطر ليس دليل رضا الله عن أهل منطقة المطر وكذلك ليس دليل على سخط على من لم ينزل عليهم
وناقض الحمود نفسه الذى نفى وجود سبب للمطر بقوله سابقا” وأن من الخطأ العظيم أن ينسب إنزال المطر إلى غيره من الكواكب والأنواء وارتفاع الضغط الجوي وانخفاضه أو غير ذلك من الأسباب” ثم جعل هنا سببه دعوات بعض الناس فقال :
“قد ينزل المطر بسبب دعوة رجل صالح أو صبي ، أو رحمة بالبهائم .. وقد يكون استدراجا من الله تعالى لخلقه .. وقد تكون تنبيها للمؤمنين المقصرين لشكره وحمده والرجوع إليه .. نسأل الله أن يرزقنا شكر نعمته ، والإنابة إليه .”
وناقض الحمود نفسه مرة أخرى فبعد أن أعلن أن المطر ليس رضا أو سخط من الله بقوله” فلا يظن الواحد منا أن هذا المطر دليل رضا الله عن العباد” عاد فقدم رواية لا تصح عن كونه بسبب رضا أو سخط الله فقال:
“ويشهد لهذه الحقيقة ويبرهن عليها، ما جاء في سنن ابن ماجه بسند حسن أن النبي (ص) قال: ((لم ينقص قوم المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم ما أمطروا)) .
كم من تجارنا ممن طبع على الله قلوبهم، فمنعوا زكاة أموالهم؟ .. ماذا ينتظرون؟ هل ينتظرون قارعة تصيبهم في أموالهم أو أهليهم؟ أم ينتظرون أن تصفح أموالهم صفائح من حديد، فيحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم .. نسأل الله السلامة والعافية .”
وما قاله عن كن منع المطر بالذنوب التى تستوجب سخط الله يعارض ما قاله عن نزوله على الكفار مع معاصيهم فقد قال سابقا:
“إن إنزال المطر ليس بالتأكيد دليلا على رضا الله عن خلقه، فها هي دول الكفر والضلال ينزل عليها المطر يوميا وعلى مدار العام”
وتحدث عن السنن المأثورة فى المطر فقال :
“سنن مأثورة :
من السنن النبوية المأثورة ما جاء في بعض الرخص المتعلقة بنزول المطر، ومن هذه الرخص الجمع بين الصلاتين، فقد ثبت عن النبي (ص) الجمع بين الصلاتين في المسجد، رفعا للمشقة عن أمته، ومن الرخص أيضا، الصلاة في الراحلة أو في البيوت عند الحاجة .
ومن السنن النبوية ما علمنا رسول الله (ص) من الأدعية والأذكار المتعلقة بالمطر . فقد كان الرسول (ص) كما يروي البخاري إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيبا نافعا))، وعندما يتوقف المطر يقول: ((مطرنا بفضل الله ورحمته))، وإذا نزل المطر وخشي منه الضرر دعا وقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر))، وإذا هبت الريح نهانا عن سبها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به))، وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته).”
وأما الدعاء فهو مطلوب عند الظروف الموجبة له وهو لا يحقق إلا ما قد كتب ف لوح القدر وأما ما لم يكن مقدرا فلا يستجب وعاد للحديث عن الدعاء فقال :
“ومن سنن المطر، الدعاء ، فالدعاء عند نزول المطر من الأدعية المستجابة، فعن سهل بن سعد عن النبي رسول الله (ص) أنه قال: ((ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر)) رواه الحاكم وحسنه الألباني “
والحديث الخطأ فيه عدم رد الدعوة عند النداء والمطر وهو ما يناقض أن الدعوات استجابتها تكون على حسب كشيئة الله أى ما قدره سابقا كما قا تعالى:
“بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء”
ثم حدثنا عن كشف الإنسان ملابسه لتمطر السماء عليها فقال :
ومن السنن المأثورة عند نزول المطر، أن يحسر الإنسان شيئا من ملابسه حتى يصيبه المطر، تأسيا برسول الله (ص) ، فقد جاء في صحيح مسلم عن أنس قال: أصابنا ونحن مع رسول الله (ص) مطر قال: فحسر رسول الله (ص) ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه حديث عهد بربه)).
فليحرص المسلم على هذه الأذكار والسنن، وكم هو جميل أن يعلمها أهله وأطفاله، ويرغبهم في حفظها والعمل بها .”
والحديث لا يصح لأن معناه أن المطر والله يكونان فى مكان واحد وهو ما ينافى أن الله لا يحل فى المكان كخلقه الذين لا يشبهونه كما قال:
” ليس كمثله شىء”
زد على هذا أن كشف بعض العورة برفع الثوب محرم فى الأماكن العامة وعند وجود ألأغراب فى البيوت
وحدثنا عما سماه المظاهر السيئة عند نزول المطر فقال :
“مظاهر سيئة:
إنه بقدر ما دخلت نفوسنا الفرحة الغامرة بنزول المطر، فإنه يسوءنا ما نراه من بعض المشاهد السيئة التي صاحبت نزول الأمطار .
شاهدنا تجمعات المياه المؤذية في بعض الشوارع والأحياء .. نعم، قد يكون لبعضها ما يبرره، لكن الأمر غير المبرر أن ترى الغش وعدم الأمانة من بعض المقاولين ومنفذي أعمال الطرق ومجاري المياه، وعدم التزامهم بالمواصفات والشروط، فما إن نزل المطر، حتى تجمعت المياه في تلك الطرقات، وجمعت معها الأوحال والأوساخ .
ألا فليعلم منفذو تلك الطرقات بلا أمانة، ومستلموها منهم، أنهم شركاء في الوزر والإثم .. أمام الله أولا ، ثم أمام ولاة الأمر، وعامة المسلمين المتضررين .
وعلى جانب آخر، وفي بعض المباني، كشفت مياه الأمطار عن غش بعض المقاولين وعدم إحكامهم البناء ، فترى السقف يخر من ماء المطر، أو ترى النوافذ يتسرب منه الماء فتفسد أثاث البيوت .
ومن المظاهر السيئة التي تصاحب نزول الأمطار، ما يقوم به بعض المستهترين ممن يسيرون بسرعة جنونية في مياه الأمطار فيؤذيون المارة، ويملأون ثيابهم بالأوساخ .. ألا فليتق الله المسلم، وليعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، وأن يحذر كل الحذر من أذية المسلمين في طرقهم ، فقد قال النبي (ص)، كما عند الطبراني بسند حسن: (من آذى المسلمين في طرقهم، وجبت عليه لعنتهم) .”
والكلام الذى قاله عن الغش وايذاء الناس كلام صحيح ثم حدثنا عن وصاياه لمن يرتاد المتنزهات فقال:
“وصايا وتنبيهات ، لمرتادي البر والمتنزهات .
عباد الله، حول خروج الناس للبر والمنتزهات ، يحسن التنبيه على عدة أمور:
1- المحافظة على الصلوات المكتوبة، ويشرع التأذين لكل صلاة، والحرص على الأهل والأولاد في أداء الصلاة .
2- أن لا يترتب على تتبع السيول والأمطار والبحث عن مضانها تضييع الساعات الطويلة والأوقات الكثيرة .
3- الحذر من تبرج النساء، أو خروجهن بكامل زينتهن، أو كشف الوجه أمام السيارات المارة والمتنزهين الآخرين.
4- القيام بالاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن عند الحاجة إلى ذلك .
5- أن لا يكون هذا الترويح والفرح على حساب الآخرة، وإغضاب الرحمن بالمعصية، فترى بعض الشباب هداهم الله، في عبث بالسيارات، وإيذاء للآخرين، ورفع لأصوات الموسيقى الصاخبة من السيارة، فأين شكر النعمة يا شباب .
6- كم هو جميل أن تشرك أهلك ووالديك في الاستمتاع بمشاهدة هذا الخير، وأن لا تقصر ذلك على الزملاء والأصدقاء .
7- توخي الحذر أثناء قيادة السيارة خاصة عند انعدام الرؤية أحيانا، فكم حصلت بسبب هذا الأمر من حوادث مروعة .
8- الابتعاد عن أماكن اجتماع السيول وعدم الاقتراب منها أو السباحة فيها خاصة من قبل الأطفال.
9- عدم الغفلة عن الأبناء في ذهابهم مع من يشاؤون بحجة الاستمتاع بهذه الأجواء، فقد يستغل ذلك ضعاف النفوس في أمور لا تحمد عواقبها “
وهو كلام ليس مرتبط بنزول المطر إلا القليل منه ولكنه كلام حسن فى مجمله