قراءة فى كتاب تفسير آية الإنذار

أحاديث يوم الدار أو بدء الدعوة
الكتيب بلا مؤلف ويبدو أنه من أتباع الشيعة يرد على واحد من أتباع السنة ورغم أنه موضوع الكتاب تفسير آية الإنذار وهى (وأنذر عشيرتك الأقربين) إلا أن الكتاب لا علاقة له بتفسير الآية وقد استهل الكاتب الكتاب بذكر الآية ثم أتبعها بكلام عن كفر الحكام وأتباع الاحتلال وأذنابه فى بلادنا وضرورة توحد السنة والشيعة فقال:
“قال الله تعالى (وأنذر عشيرتك الأقربين) الشعراء ــ 214
لايزال يأتينا من الناصبة ، وبقية الفئة الباغية ، والمرتزقة الذين يعيشون في أحضان الاستعمار ـ وهمهم الوحيد التفرقة بين المسلمين ، وإشغالهم بخلافات مستحدثة ، كيلا يلبوا دعوة المصلحين وعباقرة الأمة إلى توحيد الكلمة ـ ما يجرح العواطف ، ويثير الفتنة والتباغض والتخالف ، مما لا ربح فيه إلا للأعداء ، ولا يزيدنا إلا الضعف والفشل .
وهذا إن دل على شيء ، فإنما يدل على أنهم جعلوا أصابعهم في آذانهم ، حتى لا يسمعوا صرخات المصلحين ، لانهم لا يحبون استيقاظ امتنا الكبيرة التي لو استيقظت من نومتها ، وعرفت صلاحياتها وطاقاتها وامكانياتها ، لقامت بوجه كل استكبار واستضعاف ، وقضت عليه ، ورفعت راية التوحيد ، وأسست المدنية على النظام الالهي الخالص من الظلم والانظلام ، وسلب الحريات التي منحها الله تعالى الانسان في شرايع الانبياء ، سيما الشريعة الاسلامية الخاتمية .
نعم ، لو التفت الجيل الحاضر المسلم إلى مستقبله وإلى حاضره ، وما يجري في العالم ، وما أحاط البشرية من المشاكل التي فرضتها عليها الصهاينة وأذناب الاستعمار ، والتبشير والالحاد وعبدة لينين وماركس ، أدرك ما يجب عليه من القيام بابلاغ رسالة الاسلام لإنقاذ البشرية والسعي للقضاء على كل سلطة وسيطرة إلا سلطة أحكام الله تعالى ، ويدك بذلك عروش الجبابرة والمستكبرين ويهدد كيانهم .
ولعمر الحق ، ما على البسيطة شيء أشد خطرا على الاستكبار العالمي من تيقظ المسلمين من رقدتهم ، واعتصامهم بحبل الله تعالى .
إذا فلا عجب من وقوفهم بوجه المصلحين وسعيهم في تفرقة كلمة المسلمين وتجزئة بلادهم ليكون كل اقليم ومنطقة تحت أمر حاكم عميل ونظام في خدمة الشرق أو الغرب.
فانظر إلى بلاد المسلمين بعين البصيرة والعبرة ، لتدرك محنتها من هؤلاء الحكام والمهتمين بتفرقة المسلمين ، ثم انظر هل تجد لهذه الحكومات المتخالفة في السياسة والنظام والادارة ، مفهوما غير أن الاستعمار لم يقم ولن يدوم في بلادنا إلا بها وأوجه السؤال إلى المسلمين المضطهدين تحت سيطرة هذه الحكومات الجائرة عن الحاكم الاسلامي الذي قرن الله طاعته بطاعة رسوله(ص) من بينها ؟
من الذي يحكم من حكام هذه البلاد بحكم الاسلام ؟ وأية هذه الحكومات حكومة شرعية إسلامية تمثل وحدة الامة وحكومتها العالمية التي تسود العالم كله ؟
فهل تعرف منها من لا يتحكم في مصيره الشرق الملحد أو الغرب المستعمر ؟ أو شبكات هؤلاء المستعمرين الذي لا يرقبون في مؤمن إلا ولاذمة ، ينفقون الاموال الطائلة التي يحصلون عليها بامتصاص دماء الشعوب ، من أجل اختلاق الخلافات وإنكار الحقائق الاسلامية ، وإيجاد الشك في التاريخ المليء بأمجادنا وبطولات أبطالنا ، كما يحاولون أن تبقى اختلافات الفرق بحالها ، فحينما يرون أن الشعور بالولاء لأهل البيت والتمسك بهم سيشمل جميع الامة ويوحدها ، ويذهب بالأحقاد التي أوجدتها السياسة ويقضي على تفرقة الامة بالفريقين الشيعة والسنة ، ويلف الجميع حول الكتاب والعترة (الثقلين) ويوحد المذاهب أجمع ، يتوسلون بأهل التعصب والعناد والنصاب يخيفونهم من ظهور الحق ويقظة الشباب المثقف وفهمهم ما وراء الوقائع الدامية والخلافات الطائفية من مؤامرات المنافقين ومبغضي أهل البيت فيستأجرون لذلك أقلام عبدة الدنيا ، ومحبي الجاه والضعفآء الذين لا يفهمون ما وراء هذا الامور ولا يفكرون فيما يريده الاستعمار من الاحتفاظ بتفرق المسلمين .
إي والله ، لقد أدرك الاستعمار أن جيلنا المسلم قد استيقظ عن نومته ، وانتبه إلى ما حوله وأدرك أن الخلافات المذهبية والسياسات العاملة لمنع الناس عن التمسك بالثقلين وأخذ العلم عن أهل البيت الذين هم وحدهم حملته وسدنته ، تذوب بالامعان الخالص من التعصب في الكتاب والسنة والتاريخ ، كما أدرك الكثير من أبناء أهل السنة ، فلبوا دعوة المصلحين الأفذاذ ، لترك العصبيات الطائفية ، وفهموا أن شيعة أهل البيت لا ذنب لها إلا ولاء أهل البيت وأخذ العلم عنهم في ظروف لم تكن موافقة لسياسة أرباب السلطة المتغلبين على المسلمين فتحكموا في رقاب محبيهم ورواة فضائلهم ومناقبهم وحملة العلم عنهم ونكلوا بهم أشد التنكيل وساموهم سوء العذاب ، حتى أصبح الرجوع إلى أهل البيت ونقل الحديث عنهم ، وحتى إعانة الذرية الطاهرة النبوية ، من أعظم الجرائم السياسية .
وقد بقيت شرذمة ضئيلة من أبنآء هؤلاء الذين يقولون بشرعية حكومات الطواغيت الذين علوا وطغوا واستكبروا في الأرض ، امثال معاوية ويزيد والوليد وهارون والمتوكل وغيرهم ، وكان استكبارهم اكثر من استكبار طواغيت الجاهلية في روم وايران “
وإلى هنا والكلام مقبول ولكن الكاتب الذى ابتغى الوحدة عاد بنا إلى ما يحيى الفتنة والتفرق والتحزب فقال :
“وهؤلآء لا يزالون يصدون المسلمين عن التجاوب والتفاهم ويلبون دعوة الإستعمار لاثارة الضغائن وانكار الحقائق ، ينظرون دائما إلى الخلف ، ولاينظرون إلى الأمام . لايقبلون من التاريخ والحديث إلا ما يؤيد آرائهم ، ويجرحون كأسلافهم كل من يروي ما لا يوافق أهوائهم ويطعنون في كل حديث يخالف مذهبهم وإن بلغ في الصحة ما بلغ أو يؤولونه . قد أعمت العصبية أبصارهم وبصائرهم السنة عندهم بدعة ، والبدعة عندهم سنة يقتفون آثار السفيانيين ، ويدافعون عن سيرة الجبابرة ، ويعملون على كتمان فضائل بطل الإسلام ، ونفس الرسول وابن عمه وأخيه ، وباب مدينة علمه ، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعده ، ومن لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، امير المؤمنين علي بن أبي طالب ينكرون مناقبه ومناقب أهل بيته ويرمون من روى فضائله بالكذب ووضع الحديث ، ويعدون ولاء أهل بيت النبي (ص)جريمة لا تغتفر ، ولكن لو كانت هذه المناقب مروية في شأن أعداء آل النبي (ص)لا يقابلونها بالانكار ، وسيما إذا كان رجالها مطعونين بالنصب وقتل المسلمين وأقبح الظلم وأشنع الفسق . فإنا لله وإنا إليه راجعون .”
وهذا الكلام غير مفيد فمن يريد الوحدة عليه أن يتناسى كل هؤلاء الموتى الذين لا يعلمون بخلافاتنا حولهم عليه أن يتبع كلام الله فيتناسهم جميعا لأنه لن يحاسب على عمل واحد منهم خيرا أو شرا كما قال تعالى عندما تحدث عن خلافات اليهود والنصارى وغيرهم فى إبراهيم(ص) ومن بعده طالبا عدم الكلام فيهم فقال :
“تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون”
لن نستفيد شيئا من الحديث عن خلافات الموتى فقد أفضوا إلى الله وحاسبهم بعدله إن خيرا فخير وإن شرا فشر
وتحدث المؤلف عن الموضوع الذى هو الأصل فقال :
“قرأنا في بعض المجلات (حضارة الإسلام ، العدد الخامس من السنة الثامنة عشرة برجب 1397) نقدا من الكاتب محمد حسين ، على كتاب للجنرال ا . اكرم ، ترجمة الركن صبحي الجابي ، فيه موارد هامة من الاشتباه ، وقلب الحقائق ، من أعظمها الاستناد إلى المنقولات الضعيفة والحكايات الواهية في شأن بدء الوحي وكيفية نزوله ، مما لا يناسب شأن الرسالة المحمدية ، فيتهم الرسول(ص) بخشيته على نفسه عندما نزل عليه الوحي وجاءه الملك الامين جبرئيل(ص) يرى كأنه ـ والعياذ بالله ـ لم يحصل له اليقين بما جعل الله على عاتقه ، وشرفه به من النبوة والرسالة ، فانطلقت به السيدة خديجة أتت به ورقة بن نوفل .
وهذه ، وإن كانت رواية البخاري ومسلم في بدء الوحي وكيفية نزوله ، إلا انها مردودة عليهما وعلى شيوخهما ، لأن شأن الرسول(ص) في المعرفة والادراك كان أنبل وأجل من الشك فيما أوحى الله تعالى به ، وأمر الرسالة أيضا أعلى وأنزه من ذلك وكيف لا يعرف الرسول(ص) ما تعرفه وتؤمن به السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وقد كان تحت رعاية الله تعالى قبل البعثة ، وخلق الله نوره قبل أن يخلق العالم ، مضافا إلى انه يجب أن يكون إلقآء الوحي والتعيين لهذا المنصب العظيم ، سيما الرسالة المحمدية العظمى ، على نحو يحصل للمبعوث بها بنفسها اليقين والايمان على انه بعث إلهي ووحي سماوي . وبالجملة شأن الرسالة وشأن الرسول بريء من خشيته(ص) على نفسه .
أللهم إلا أن يكون المراد خشيته من الله تعالى لعظم ما أمره به وجعله على عاتقه ، ولاريب أنه(ص) كان أخشى الناس وأخوفهم من الله تعالى ، وكان أعبدهم وأزهدهم ، وأعرفهم بالله . ولاريب أن من كان أعرف الناس بالله ، يكون أخوفهم منه وأرجى به منهم ، اما الشك والخشية على نفسه فلم يعرضه حتى لحظة واحدة وهذا امر يعرفه من سبر تاريخ حياته واخلاقه الكريمة ، وقد قال الله تعالى (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) فهو من أول مانزل به الوحي ، آمن بما انزل إليه وخرج من حرا وقلبه مليء بالايمان بما نزل به .
نقده الآخر
ثم إنه أنكر على المؤلف ما ذكر من أن النبي(ص) قد بقي مدة ثلاث سنوات يتلقى تعليمات ربه ، دون أن يتكلم شيئا عن رسالته ، ويوهم القاريء بأن عليا وخديجة وأبا بكر أسلموا في زمن واحدة ، ولم يكن بين إسلام خديجة والامام واسلام أبي بكر فترة حتى يسيرة ، مع أنه يظهر لمن يمعن النظر في الأحاديث الصحيحة والتاريخ ، أن أبا بكر لم يسلم إلا بعد فترة طويلة لا يستبعد تقديرها بثلاث سنين . ولا يأبى العقل أن يكون النبي(ص) مدة ثلاث سنوات أو أكثر يتلقى تعليمات ربه ، ولم يكن مأمورا باظهارها وتبليغها بغير خديجة وعلي من أهل بيته . فكانوا يعبدون الله بما تعبده الله به سرا ، حتى اذا أمر الله النبي(ص) باظهار الدعوة ، بلغ عدد المؤمنين في ثلاث سنوات إلى الأربعين أو أكثر على اختلاف الروايات في ذلك .
ويؤيد ، بل ينص على ما قلناه الروايات الكثيرة التي دلت على أن عليا عبد الله تعالى مع رسوله(ص) سبع أو تسع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة ، وأن الملائكة صلت على رسول الله(ص) وعلى سبع سنين ، لأنه لم يصل معه أحد غيره “
ما سبق يتمثل فى أمرين :
الأول عدم صحة خوف النبى (ص) عند نزول الوحى وهذا لا نص فيه ولكن خوف النبى(ص) شىء أثبته القرآن بقوله تعالى :
“وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه”
ومحمد (ص)بشر كما قال تعالى :
“قل إنما أنا بشر مثلكم”
والبشر يخافون من حدوث شىء غريب ولماذا يتعجب الشيعة من خوف محمد(ص) وهو رسول(ص) ولا يتعجبون من خوف موسى(ص) الذى أعلنه مرارا كقوله تعالى :
” لا تخف إنى لا يخاف لدى المرسلون”
“فأوجس فى نفس خيفة موسى”
الثانى الحديث عن أولية إسلام على وتأخر أبو بكر وهو أمر ليس من الإسلام فلم يذكر الله شيئا عن تلك الأولية فى الوحى وهى لا تفيد بشىء فلم يذكر الله عليا ولا أبو بكر بالاسم ولا غيرهم سوى زيد فقط
إذا نحن من نقيم المشاكل ونفرق الناس فلا أبو بكر ولا على من نصوص الوحى ولا طلب الله الإيمان بهم ولا غير ذلك إن ذكروا فقد ذكروا ضمن بقية المسلمين وهم سواء عند الله قبل فتح مكة وأما من بعد فتح مكة فلا يستوون بهم عند الله كما قال تعالى:
“لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا”
إذا المهاجرين والأنصار كلهم سواء فى المنزلة عند الله لا فرق بينهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *