المؤلفة هلا العساف وقد استهلت الكتاب بمقدمة عن ارتباط الكيمياء فى بلاد المنطقة باسم جابر بن حيان فقالت:
“مقدمة:
ترتبط نشأة الكيمياء عند العرب بشخصية أسطورية أحيانا وتاريخية حينا آخر، هي شخصية جابر بن حيان، ونستنتج من خلال الكتب التي تحمل اسمه أنه من أشهر الكيميائيين العرب، ويعد الممثل الأول للكيمياء العربية وقد أثر جابر في الكيمياء الأوربية لظهور عدد لا يستهان به من المخطوطات اللاتينية في الكيمياء منسوبة إلى جابر بن حيان”
وطبقا للروايات فجابر ليس سوى أكذوبة أخرى من أكاذيب التاريخ الذى وضعه الكفار ونسبوه لبلادنا فالمعلومات المتوفرة كلها روايات متناقضة وقد ذكرت الباحثة التالى عن مولده:
“مولده:
أبو عبد الله جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي، ولد على أشهر الروايات في سنة 101 هـ/721 م وقيل أيضا 117 هـ / 737 م عالم عربي وقد اختلفت الروايات على تحديد مكان مولده فمن المؤرخين من يقول بأنه من مواليد الجزيرة على الفرات شرق سوريا، ومنهم من يقول أن أصله من مدينة حران من أعمال بلاد ما بين النهرين في سوريا ولعل هذا الانتساب ناتج عن تشابه في الأسماء فجابر المنسوب إلى الأندلس هو العالم الفلكي العربي جابر بن أفلح الذي ولد في إشبيلية وعاش في القرن الثاني عشر الميلادي ويذهب البعض إلى أنه ولد في مدينة طوس من أعمال خراسان في إيران”
وذكرت ما سمى به فقالت:
“وقد وصف بأنه كان طويل القامة، كثيف اللحية مشتهرا بالإيمان والورع وقد أطلق عليه العديد من الألقاب ومن هذه الألقاب “الأستاذ الكبير” و”شيخ الكيميائيين المسلمين” و”أبو الكيمياء” و”القديس السامي التصوف” و”ملك الهند””
ونلاحظ أن اسم القديس السامى التصوف كلام يعارض حتى التاريخ المكذوب فى ظهور الصوفية فالصوفية لم يكن لها وجود فى القرن الثانى الهجرى
ثم ذكرت ما ذكر عنه فى كتب التاريخ وهو :
“وجابر بن حيان شخصية بارزة، ومن أعظم علماء القرون الوسطى وهو أبو موسى جابر بن حيان الأزدي ويلقب أحيانا بالحراني والصوفي وعرف عند الأوربيين في القرون الوسطى باسم ويقال إنه كان من الصابئة ومن ثم جاء لقبه الحراني، ويذكر الأب جورج قنواتي أن جابرا أرسل إلى الجزيرة العربية بعد وفاة والده، وهو صغير حيث درس القرآن والرياضيات، وذهب ابن النديم في “الفهرست” إلى أن الناس اختلفوا في نسبة جابر إلى جهة معينة كالشيعة والبرامكة والفلاسفة، بل هناك من أنكر وجوده أصلا، لذلك يجب التحفظ بشأن نسبته إلى الصابئة وإن كان أصله من خراسان فقد عاش معظم حياته في الكوفة ولد جابر في طوس حوالي 721/ 102م، وتوفي حوالي 199 هـ موافق سنة 815م على اختلاف بين المؤرخين
مارس جابر الطب في بداية حياته تحت رعاية الوزير جعفر البرمكي أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد”
ثم تحدثت عن نشأته فقالت :
“نشأته:
هاجر والده حيان بن عبد الله الأزدي من اليمن إلى الكوفة في أواخر عصر بني أمية، وعمل في الكوفة صيدلانيا وبقي يمارس هذه المهنة مدة طويلة (ولعل مهنة والده كانت سببا في بدايات جابر في الكيمياء وذلك لارتباط سافر إلى حران أفي أعالي بلاد ما بين النهرين ويقال خراسان، وفي حران ولد النابغة جابر بن حيان المؤسس الحقيقي لعلم الكيمياء تعود إلى قبيلة الأزد، رجعت عائلة جابر بن حيان إلى الكوفة وتعلم هناك”
وتحدثت عن معلميه فقالت :
“مدرسته:
انضم إلى حلقات الإمام جعفر الصادق ولذا نجد أن جابر بن حيان تلقى علومه الشرعية واللغوية والكيميائية على يد الإمام جعفر الصادق وذكر أنه درس أيضا على يد الحميري ومعظم مؤرخي العلوم يعتبرون جابر بن حيان تلقى علومه من أستاذه الحقيقي الإمام جعفر الصادق وان كان من الثابت انه عربي مولود في جنوب العراق بناء على المصادر الموثوق بها مثل دائرة المعارف البريطانية والموسوعة الإسلامية وغيرها ولم يذكر تاريخيا مذهب ما للكوفي حيث كانت المذاهب في ذلك الوقت ليست إلا موقفا سياسيا من الخلافة هذا بالإضافة إلى أن التصنيف المذهبي لا يستخدم في تدوين شخصيات الأديان الأخرى
أخذ جابر مادته الكيمياء من مدرسة الإسكندرية التي كانت تؤمن بانقلاب العناصر، وقد كان تطورها من النظريات إلى العمليات وقد درس جابر ما خلفه الأقدمون، فلم ير من تراثهم من الناحية الكيميائية إلا نظرية أرسطو عن تكوين الفلزات، وهي نظرية متفرعة عن نظريته الأساسية في العناصر الأربعة: الماء، الهواء، التراب، النار”
ونلاحظ تناقض الباحثة فى مصادر علمه الرئيسية فمرة جعفر الصادق ومرة مدرسة الإسكندرية وحكاية جعفر الصادق فى الكيمياء تشابه حكاية خالد بن يزيد الأموى فى الكيمياء فكأن كل فريق حسب ما أراد الكفار الذين كتبوا تاريخنا ونسبوه للمسلمين كان يؤصل لنفسه ويجعل نفسه أساس العلم هذا أو ذاك
ثم قالت:
“ولم يعرف فقط كبار مفكري وعلماء العالم اليوناني، بل كان يعرف الكتب ذات المحتوى السري جدا مثل كتب أبولينوس التيتاني وزعم هولميارد أن المصدر الذي استقى منه جابر علومه في الكيمياء هو الأفلاطونية الحديثة”
وتحدثت عن استناد الكيمياء القديمة للخرافات فقالت :
“الكيمياء في عصره:
بدأت الكيمياء خرافية تستند على الأساطير البالية، حيث سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة وذلك لأن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية كانوا يعتقدون المعادن المنطرقة مثل الذهب والفضة والنحاس والحديث والرصاص والقصدير من نوع واحد، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة الكامنة فيها وهي أعراض متغيرة (نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة، النار والهواء والماء والتراب)، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهي الإكسير ومن هذا المنطلق تخيل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل علل الحياة ويطيل العمر”
وحكاية قيام الكيمياء على الخرافات هى ما أراد الكفار توصيله لنا وهو ما يخالف وجود كيمياء حقيقية صادقة بدليل وجود مهن الحدادة وصناعة الأسلحة والأبواب وبعض الأدوات من الحديد ومهنة النحاسة التى كانت تدخل فى صناعة القدور وغيرها وكذلك صناعة الزجاج وغيرها وكذلك صناعة السفن فهى تستلزم علما بالكيمياء وتحدثن عن تأثير نظرية العناصر الأربعة فقال :
“وقد تأثر بعض العلماء العرب والمسلمين الأوائل كجابر بن حيان وأبو بكر الرازي بنظرية العناصر الأربعة التي ورثها علماء العرب والمسلمين من اليونان لكنهما قاما بدراسة علمية دقيقة لها؛ أدت هذه الدراسة إلى وضع وتطبيق المنهج العلمي التجريبي في حقل العلوم التجريبية فمحاولة معرفة مدى صحة نظرية العناصر الأربعة ساعدت علماء العرب والمسلمين في الوقوف على عدد كبير جدا من المواد الكيماوية، وكذلك معرفة بعض التفاعلات الكيماوية، لذا إلى علماء المسلمين يرجع الفضل في تطوير اكتشاف بعض العمليات الكيميائية البسيطة مثل: التقطير والتسامي والترشيح والتبلور والملغمة والتأكسد وبهذه العمليات البسيطة استطاع جهابذة العلم في مجال علم الكيمياء اختراع آلات متنوعة للتجارب العلمية التي قادت علماء العصر الحديث إلى غزو الفضاء”
وتحدثت عن ما سمته منهجه العلمى فقالت:
“منهجه العلمي:
العلم عند جابر يسبق العمل، فليس لأحد أن يعمل ويجرب دون أن يعلم أصول الصنعة ومجالات العلم بصورة كاملة وقد قال: “إن كل صنعة لابد لها من سبوق العلم في طلبها للعمل”
وقطع جابر كأحد رواد علماء العرب خطوة أبعد مما قطع اليونان في وضع التجربة أساس العمل لا اعتمادا على التأمل الساكن، ولعله أسبق عالم عربي في هذا المضمار، فنراه يقول:
وملاك هذه الصنعة العمل، فمن لم يعمل ولم يجرب لم يظفر بشيء أبدا
وقد كان جابر انطلاقا من قناعته بإمكانية قيام العلم الطبيعي على قاعدة الإتقان المتين، كان شجاعا بما فيه الكفاية، فهو يؤمن بأنه انتزع من الطبيعة آخر خفاياها، سمة علمه أنه لا يعترف بوجود أي حد للتفكير البشري
تساءل جابر؟! ألا يمكن أن يكون التوليد ممكنا، فالكائن الحي بالنسبة له بل الإنسان نفسه، إنما هو نتيجة تفاعل قوى الطبيعة، فمن الممكن من الناحية النظرية على الأقل- محاكاة تدبير الطبيعة بل تحسينه عند الحاجة
ومهما يكن من أمر، فإن قيام جابر كعالم كيميائي ابتكر المنهج التجريبي في الكيمياء، لا يعني أن هذا العالم قد تخلص من الأفكار القديمة، وحرر فكره ومذهبه منها، إذ أن له بعض الكتابات الغريبة والطلسمات، لكن هذا لا يعني أيضا أنه لم يشق طريقه في الظلمات عبر العصور المظلمة إلى النور
ولجابر الكبير في تطور الكيمياء وانتقالها من صنعة الذهب الخرافية إلى طور العلم التجريبي في المختبرات، حيث أن موضوع الحصول على الذهب لم يشغله عن غيره من النواحي العلمية الأخرى، فشمل نشاطه المسائل النظرية والعلمية العادية وغير العادية
فقد عرف جابر الكثير من العمليات العلمية كالتقطير، التبخير، التكليس، الإذابة، التبلور، وغيرها
كما شمل عمله الناحية التطبيقية للكيمياء، من ذلك أنه أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الحامض، وهذه طريقة لا زالت مستخدمة حتى الان، ولها شأن في تقدير عيارات الذهب في المشغولات والسبائك الذهبية”
ونسبة المنهج التجريبى لجابر أو غيره من هنا أو هناك هى كلام خاطىء فالمذهب التجريبى موجود من بداية البشرية فلا يمكن مثلا صناعة الأسلحة أو القدور والصحون من النحاس وغيره والأكواب من الزجاج دون تجارب فعلية وغيرها
وتحدثت عن اقتناع جابر بتحويل المعدن الرخيص للذهب فقالت:
“رأي جابر في طبائع العناصر، وإمكانية تحويلها إلى ذهب:
ينطلق جابر في الصنعة من أن لكل عنصر روحا (نفسا، جوهرا) كما نجد في أفراد الناس والحيوان، وأن للعناصر طبائع، وهذه الطبائع في العناصر قابلة للتبدل
ويرى جابر أن العنصر كلما كان أقل صفاء (ممزوجا بعناصر أخرى) كان أضعف تأثيرا، فإذا أردنا عنصرا قوي الأثر (في غيره)، وجب تصفيته، والتصفية تكون بالتقطير، فبالتقطير تصعد الروح من العنصر فيموت العنصر يقول جابر:
[فإذا استطعنا أن نسيطر على روح هذا العنصر، ثم القينا شيئا منه (الروح وهي مذكر) على مادة ما، انقلبت تلك المادة فكانت مثل العنصر الذي القينا فيه شيئا من روحه]
تطبيق هذا الرأي على الذهب:
يقول جابر:
[إن أصفى العناصر الحاضرة الذهب، لكن صفاءه غير تام، فيجب أن نصفيه مرة بعد أخرى، حتى نبلغ به درجة الصفاء المطلقة، ونستخرج روحه في أيدينا إكسيرا أو دواء، يعمل في المعادن عمل الخميرة في العجين]
فكما أن الخميرة تجعل العجين الفطير كله عجينا مختمرا، فكذلك الأكسير (الأحمر المستخرج من الذهب) يقلب المعادن ذهبا، والأكسير (الأبيض المستخرج من الفضة) يقلب المعادن فضة
أما العناصر التي تقبل عند أصحاب الصنعة الانقلاب ذهبا وفضة (بسهولة) فهي النحاس والزئبق والرصاص والحديد
ويبدو أن (الروح، الخميرة، الأكسير، حجر الفلاسفة، الكيمياء) أسماء مختلفة لشيء واحد فالأكسير برأي جابر يمكن الحصول عليه بغلي الذهب في سوائل مختلفة مرة بعد مرة ألف مرة، ولا شك في أن هذا الزعم باطل”
وهذا كلام لا علاقة له بالمنهج العلمى فلو كان جابر أو غيره جرب ونجح لكتب ذلك ولكن حسب المنشور فى العلم الغربى أن التجربة نجحت ولكن تكلف الجرام عشرات أضعاف ثمنه الطبيعى ومن ثم فالعملية غير مجدية وإن كانت ممكنة عندهم ولكنها فى الحقيقة غير ممكنة فكل شىء يبقى كما هو عليه
وتحدثت عن أراء لجابر وصفتها بالمتطرفة فقالت:
“ولجابر رأي روحاني متطرف في طبائع المعادن (ذكر ذلك في كتاب الرحمة)، فهو يعد المعدن كائنا حيا ينمو في باطن الأرض أمدا طويلا آلاف السنين، وينقلب من معدن خسيس كالرصاص إلى معدن نفيس كالذهب، وغاية علم الكيمياء الإسراع بهذا الانقلاب، وهو يطبق مذاهب التناسل والزواج والحمل والتعليم على المعدن، وكذلك مذاهب الحياة والموت
كان جابر يرى أن المعادن تحت تأثير الكواكب، تتكون في الأرض من اتحاد الكبريت الحار واليابس مع الزئبق البارد والرطب
ويرجع وجود المعادن بأنواع مختلفة إلى أن الكبريت والزئبق ليسا نقيين على الدوام، ولأنهما فضلا عن ذلك لا يتحدان بالنسب ذاتها، فإذا كانا نقيين تماما، وحصل الاتحاد كاملا بالميزان الطبيعي، نشأ الذهب أكمل المعادن
أما الخليط والنسب غير الكاملة فتؤدي إلى تكوين الفضة أو الاسرب أو الحديد أو النحاس ولما كان لهذه المعادن في الأصل التركيب ذاته الذي للذهب، فيمكن تصحيح (تأثير) المصادفات في طريقة تركيبها بتدبير مناسب، وهذا التدبير يشكل غرض الصنعة، ويعول على استعمال الأكاسير
ومن هنا نستنتج أن جابرا يرى أنه من غير المستحيل تكوين الذهب نظريا على الأقل، وإن كان ذلك صعبا تجريبيا!”
ووجهة نظره فيها بعض من الصحة وهى أن المعادن تتكون فى باطن الأرض تتوافق مع قوله تعالى :
“وأسلنا له عين القطر “
فيبدو أن كل معدن له عين أى نهر أى مصدر ينتجه ونتيجة التحركات بسبب الزلازل والبراكين وسواها يخرج من كل معدن جزء إلى سطح الأرض فى صورة ذرات أو فتات أو صخور تتجمد
وأما حكاية كون المعدن مخلوق واحد له حياة وموت وتكاثر.. فلا تصح فأجزاء المعدن المتفرقة فى الأرض هى مخلوقات من خلق الله ولكن هل لها حياة أم لا فهذا يتوقف على معنى الحياة لكل معدن فمثلا التراب وهو مؤلف من معادن عدة جعل الله حياته سقوط المطر عليه فقال :
“وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنها يأكلون”
وقال :
“ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحى الموتى إنه على كل شىء قدير”
وتحدثت عن أكذوبة الإكسير فقالت:
“تدبير جابر للأكاسير:
من أهم جوانب علم الكيمياء عند جابر، استناده على الأكسير العضوي، بالإضافة إلى الإكسير غير العضوي
فمن العلامات المميزة في الصنعة عند جابر تدبير الأكاسير لا على أساس معدني فحسب، بل كذلك على أساس مواد حيوانية ونباتية، بل إنه يفضل الأكسير الذي يرجع إلى مواد حيوانية، لما لهذه المواد من فعل أقوى بكثير مما للأكاسير الأخرى
يرى جابر أنه يمكن عمل أكاسير مختلطة بهذه المواد المذكورة، من ذلك مثلا إكسير نباتي – حيواني، إكسير نباتي – معدني، إكسير حيواني – معدني، إكسير نباتي – حيواني – معدني
ولا يمكن بلوغ هذه الأكاسير المختلفة، وكذا الأكسير الأعظم، أي العقار العام لكل المعادن
ولا بد للحصول على الأكسير الصحيح من الرجوع إلى أصول أكيدة، واستيفاء كل أسباب الدقة
وقد اعتمد جابر في ذلك على فكرة أن كل الأشياء في العالم الطبيعي تتركب من عناصر أربعة، تشكلت بدورها من أربع كيفيات
ومن الممكن عن طريق (الميزان) معرفة نصيب الطبائع الأربع في كل جسم، وبالتالي تجديد تركيبه بدقة تامة
وبهذه الطريقة يمكن للكيميائي أن يتحكم في كل التغيرات التي تحصل في الجسم، ما دام في وضع يدبر فيه كلا على حدة الأصول والكيفيات التي تعمل بها الطبيعة، كما يصبح في وضع يمكنه من تدبير أجسام جديدة، وبخاصة أكاسير مختلفة تفعل في المعادن
وما الصور المختلفة للأكاسير إلا مزائج تجانست قليلا أو كثيرا، مع الطبائع أو الخواص الأربع، مزائج تتفق مع تركيب الأجسام التي استعملت عليها
وها هو ذا تحديد عمل الأكسير كما بينه جابر نفسه في كتاب السبعين:
[إن الأصول الأربعة العاملة في الأجسام من الأجناس الثلاثة المؤثرة فيها والمحددة لصبغها هي: النار، الماء، الهواء، الأرض]
وفي الواقع ليس هناك فعل واحد من هذه الثلاثة أجناس إلا بتلك العناصر الأربعة ولهذا، كان معولنا في هذه الصناعة على تدبير هذه العناصر، نقوي ضعيفها، ونضعف قويها، ونصلح فاسدها فمن وصل إلى عمل هذه
العناصر الأربعة في هذه الثلاثة أجناس، فقد وصل إلى كل علم، وإدراك علم الخليقة وصنعة الطبيعة
يقول جابر في كتابه السبعين على سبيل المثال:
[إن الاسرب بارد يابس في الظاهر، وحار رطب في الباطن، وكذلك بالنسبة للفضة، بينما الذهب حار رطب في الظاهر، وبارد يابس في الباطن]
ويقال أن جابرا كان أكثر مقامة في الكوفة، وبها كان يدبر الأكسير لصحة هوائها
وذكر جابر في كتابه (الخواص الكبير)، قصة اتصاله بيحيى البرمكي، وعمل أكسيره، وكيف خلص به كثيرا من الناس وشفاهم!
تطلعنا قصته هذه، على أن جابرا كان طبيبا، وكان يستخدم في العلاج دواء يسميه الأكسير، يبدو أنه كان يشفي كثيرا من العلل
أما ما له علاقة بالأكسير من جهة المسؤولية الكبرى، واكتشاف سر الله الأعظم، فله علاقة بالإمام جعفر علاقة شديدة
فجابر يعتقد بوجود طريقتين لإدراك الصنعة:
أ – طريق ظاهري: وذلك باقتفاء أثر الطبيعة
ب – طريق باطني: بمعرفة الفرضيات الكبرى، وتطهير النفس البشرية
والثاني يشير إلى تصوفه وتشيعه الواضحين
إذ أن أهم مصادر معرفته، الإلهامات الباطنية التي اقتبسها عن إمامه جعفر الصادق، فعلاقته مع الإمام جعفر الصادق هي علاقة فكرية فلسفية
والعلاقة بين جابر وإمامه الصادق لا تقف عد حد واحد، إنما تتعداه إلى أمر كشف سر الله الأعظم ألا وهو الأكسير؟!”
والأكسير وهو العقار الأعظم الشافى أو الذى يعطى الخلود هو أكذوبة لا شك فى ذلك لأنه لو كان هناك دواء واحد ما عدد الله الأدوية فى كتابه فجعل فى العسل شفاء لبعض الأمراض فقال:
“يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس”
وجعل الماء شفاء لأيوب(ص) فقال :
” اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب “
وأما الخلود الدنيوى فلا وجود له كما قال تعالى:
“ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد “
وتحدثت عن اكتشافات جابر فقالت:
“اكتشافات جابر الكيميائية:
1) عرف جابر بأن الشب يساعد على تثبيت الأصباغ في الأقمشة، والعلم الحديث اثبت ذلك، (الشب = أملاح الألمنيوم)
2) توصل جابر إلى تحضير بعض المواد التي تمنع البلل عن الثياب، وهذه المواد هي أملاح الألمنيوم المشتقة من الحموض العضوية
3) توصل إلى استخدام كبريتيد الانتيمون، الذي له لون الذهب، ليعوض عن الأخير الغالي الثمن
4) تمكن من صنع ورق غير قابل للاحتراق، والعلم الحديث لا يعرف حتى الان نوع هذا الورق
5) أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الحامض (الماء الملكي) وهذه الطريقة لازالت مستخدمة حتى الان
6) مارس كثيرا من العمليات الكيميائية، كالتقطير، التكليس، التبلور، التصعيد، وعرف واكتشف الكثير من المواد الكيميائية”
وكما سبق القول حكاية الأولية فى الاختراعات والاكتشافات هى كلام لا أساس له وبعض الاختراعات كالورق الذى لا يحترق لا دليل عليها بدليل عدم وجود ورقة من هذا النوع فى أى مكان حاليا
وتحدثت عن إسهاماته فى العلم فقالت:
“إسهاماته العلمية:
كانت أهم الإسهامات العلمية لجابر في الكيمياء، فهو الذي أدخل المنهج التجريبي إلى الكيمياء، وهو مخترع القلويات المعروفة في مصطلحات الكيمياء الحديثة باسمها العربي، وماء الفضة وهو كذلك صاحب الفضل فيما عرفه الأوربيون عن ملح النشادر، وماء الذهب، والبوتاس، ومن أهم إسهاماته العلمية كذلك، أنه أدخل عنصري التجربة والمعمل في الكيمياء وأوصى بدقة البحث والاعتماد على التجربة والصبر على القيام بها فجابر يعد من رواد العلوم التطبيقية وتتجلى إسهاماته في هذا الميدان في تكرير المعادن، وتحضير الفولاذ، وصبغ الأقمشة ودبغ الجلود، وطلاء القماش المانع لتسرب الماء، واستعمال ثاني أكسيد المنغنيز في صنع الزجاج وقد قسم جابر المواد حسب خصائصها إلى ثلاثة أنواع مختلفة، وهي:
1) الكحوليات، أي تلك المواد التي تتبخر عند تسخينها مثل الكافور، وكلوريد الألمنيوم
2) المعادن مثل الذهب، والفضة، والرصاص، والحديد
3) المركبات، وهي التي يمكن تحويلها إلى مساحيق
وخلاصة القول، حسب “سارطون”، إنه لا يمكن معرفة القيمة الحقيقية لما قام به جابر إلا إذا تم تحقيق وتحرير جميع مؤلفاته ونشرها”
كما سبق القول المنقول فى البحث عو كلام تاريخى ومعظم التاريخ الحالى مكذوب ومفترى ولا يمكن التثبت من أى شىء فيه
وتحدثت الباحثة عن كتب جابر فقالت:
“مؤلفاته:
تعود شهرة جابر بن حيان إلى مؤلفاته العديدة، ومنها “كتاب الرسائل السبعين”، ترجمه إلى اللاتينية جيرار الكريموني سنة 1187م وتضاف إلى هذه الكتب تصانيف أخرى عديدة تتناول، إلى جانب الكيمياء، شروحا لكتب أرسطو وأفلاطون؛ ورسائل في الفلسفة، والتنجيم، والرياضيات، الطب، والموسيقى وجاء في “الأعلام” للزركلي أن جابرا له تصانيف كثيرة تتراوح ما بين مائتين واثنين وثلاثين (232) وخمسمائة (500) كتاب، لكن ضاع أكثرها وقد ترجمت بعض كتب جابر إلى اللغة اللاتينية في أوائل القرن الثاني عشر، كما ترجم بعضها من اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1678 وظل الأوربيون يعتمدون على كتبه لعدة قرون، وقد كان لها أثر كبير في تطوير الكيمياء الحديثة وفي هذا يقول ماكس مايرهوف: يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوروبا إلى جابر ابن حيان بصورة مباشرة وأكبر دليل على ذلك أن كثيرا من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية
تميزت مخطوطاته وكتبه بوحدتها، مما يدل على أنها تابعة لمدرسة واحدة، والكتب التي تغلب عليها نزعة الكيمياء هي كتب السبعين والرحمة، أما الكتب التي تغلب عليها النزعة الطبية فهي رسائل السموم
ولجابر أسلوب لايشبه أسلوب باقي المؤلفين، فأسلوبه يتميز بالجدية، والفكرة الواحدة والتفكير العميق
وقد ذكر ابن النديم ما يزيد عن 360 مؤلفا لجابر، يمكن الرجوع إليها في كتاب الفهرست، وكذلك ذكرها كرواس في مؤلفه رسائل جابر
يمكن أن نعد رسائل جابر في الكيمياء أول مظهر من مظاهر الكيمياء في المدنية الإسلامية، على الرغم من أن عددا عظميا من رسائله كان نصيبها الفناء، بينما بقيت بعض الكتب اللاتينية التي أخذت عنها
كتبه:
أسرار الكيمياء*
نهاية الإتقان*
أصول الكيمياء*
علم الهيئة *
الرحمة*
المكتسب*
الخمائر الصغيرة*
صندوق الحكمة*
كتاب الملك*
الخواص *
كتاب الرسائل السبعين:*
ويشمل سبعين مقالة حول أهم تجاربه في الكيمياء والنتائج التي توصل إليها ويمكن اعتباره خلاصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في عصره
:السموم ودفع مضارها*
كتاب في خمسة فصول تبحث أسماء السموم و أنواعها وتأثيراتها المختلفة على الإنسان والحيوان والعلامات والعلاج والحذر من السموم وفيه قسم السموم إلى سموم حيوانية ونباتية وحجرية كالزئبق والزرنيخ والزاج وهذا الكتاب يعتبر همزة وصل بين الطب والكيمياء”
وتناقض كتب التاريخ فى عدد كتبه هو دليل أخر على أن معظم التاريخ هو تاريخ مزيف وتحدثت العساف عن من تتلمذوا على يديه فقالت:
“تلاميذه:
قال ابن النديم: أسماء تلامذته (الخرقي) الذي ينسب إليه سكة الخرقي بالمدينة، (وابن عياض المصري)، و (الاخميمي)
ويقول الرازي في كتبه المؤلفة في الصنعة:
[قال أستاذنا أبو موسى جابر بن حيان]، ومراده بقوله أستاذنا، أنه استفاد من مؤلفاته، لا أنه تعلم منه، لأن عصر الرازي متأخر عنه كما هو معلوم
وفاته:
توفي في عام 815 م في الكوفة بالعراق وهو في الخامسة والتسعين من عمره”
وطرحت العساف فى الخاتمة سؤالا هو كيف تمكن جابر من تأسيس مثل هذا العلم؟وحاولت أن تجيب عليه فقالت:
“الخاتمة:
بعد هذا العرض البسيط والموجز جدا عن شخصية جابر بن حيان، وعن أفكاره وكتبه، ينبغي أن نجيب عن تساؤل محتمل قد يدور في ذهن الخبراء والباحثين، وهو:
كيف تمكن جابر من تأسيس مثل هذا العلم؟!
هذا التساؤل شغل أذهان الباحثين وجعلهم يقبلون بافتراض وجود مدرسة للكيمياء تمكنت من القيام بمثل هذا العمل على مدى مائة عام، من أواسط القرن الثالث إلى أواسط القرن الرابع للهجرة
عانى جابر كما عانى الكيميائيون العرب في أول اشتغالهم بهذا العلم من الاضطهاد والمصاعب، وذكر أن جابر خلص من الموت مرارا، كما أنه قاسى من انتهاك الجهلاء لحرمته ومكانته، وأنه اضطر إلى الإفضاء ببعض أسرار الطبيعة إلى هارون الرشيد، ويحيى البرمكي وابنيه، وأن ذلك هو السبب في غناهم وثروتهم
وإذا رجعنا إلى رسائل جابر، نجده يذكر معلومات سبقت عصره بقرون، من ذلك تلك الفكرة الهائلة التي أيدتها التجارب اليوم، من أن الجوهر البسيط يشبه العالم الشمسي
بالإضافة إلى ذلك قد يكون الأكسير الذي سعى جابر إلى التوصل إليه، هو اليوم نفسه عنصر (الراديوم)، أو احد الأجسام المشعة، نظرا لنص وضعه البيروني – العالم الإسلامي الكبير في الطبيعة – كما بين ذلك إذاعة راديو لندن في 17 نيسان عام 1945، ونشرته مجلة المستمع العربي (سنة 6 عدد 6)، بعنوان (الراديوم وعلماء العرب)، وجريدة الكيمياء الألمانية في هيدلبرغ – آذار1958
وهكذا نرى أن جابرا شخصية فذة، جمعت بين الحكمة والفلسفة والطب والمنطق والتصوف، إلى جانب علم الصنعة، وأن عالما مثله يؤلف أكثر من 3900 كتاب في علوم جلها عقلية وفلسفية، لهو حقا من عجائب الدهر
ولما توفي جابر، قال أبو فراس يرثيه:
بنفسي على جابر حسرة تزول الجبال وليست تزول
له ما بقيت طويل البكاء وحسن الثناء وهذا قليل
وقيل في جابر أيضا:
هذا الذي بمقاله غر الأوائل والأواخر
ما كنت إلا كاسرا كذب الذي سماك جابر
وأخيرا نقول مما لاشك فيه، أن جابرا عبقرية علمية بارزة في علم الكيمياء، وكان تأثيره واضحا وكبيرا في أوربا في القرون الوسطى حتى القرن الثامن عشر، عندما ظهر لافوازييه وغيره
ولم يقف جابر عند الآراء النظرية فقط كما فعلت الأمم القديمة، وإنما دخل المختبر، واجري التجارب وربط الملاحظات على أسس علمية، وهي الأسس التي بنى عليها العلم الحديث منجزاته في هذا الميدان وفي غيره من الميادين الأخرى
لكن على الرغم من هذه الجهود التي بذلها العلماء العرب، والمواد التي توصلوا إليها، والعمليات التي مارسوها، فإنهم لم يهتدوا إلى القوانين التي تضبط العمليات الفيزيائية، ولم يضعوا للكيمياء قوانين عامة، أو رموزا تدل عليها، فهذه أمور كانت وليدة الكيمياء الحديثة”
وحكاية الاضطهاد والمعاناة هى كلام من ضمن التاريخ الكاذب فلا وجود حسب القرآن لدولة بنى أمية وحى بنى العباس ومآسى من يسمونهم أهل البيت فكلها أضاليل اخترعها الكفار لإحداث الخلافات العميقة فى الأمة التى كفر معظمها فيما بعد عندما اخترعوا المذاهب وأصبحوا شيعا يقاتلون بعضهم البعض تحت مسميات تنفى عنهم اٌسلام فكل منهم يسمى نفسه باسم غير المسلمين
القرآن يقول أن الدولة المسلمة لا تتحول أبدا فى عهد المؤمنين بالنبى (ص) والذين اتبعوهم بإحسان لدولة كافرة حكمها متوارث يختص فريق منهم نفسه بالأموال والمناصب ويمنعها عن بقية الناس وإنما تتحول فى عهد الخلف وغالبا الجيل الأول والثانى وأحيانا الثالث لا يبدأ الكفر من عنده وفى هذا قال تعالى :
“أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا”