علي بن ابي طالب ع ح4 الأعداء

الكاتب: حيدر الحيدرواي

النجاح لا يسلم من الحسد ، ومن الحسد تتولد العداوة ، وبها ينفذ الحاسد ما يخالج صدره ، بل يترجم ذلك الى واقع حال في نصب العداء لذاك الناجح ، هذا النوع من العداء لا يتوقف عند حدود شخص الناجح ، بل سيمتد ويشمل ويطال محبيه ومادحيه ، وكذلك سيتفرع لكل الناجحين الأخرين ، فيستحيل أن يكون هناك ناجحاً دون أن يكون له أعداء ، وهؤلاء الأعداء ينقسمون الى ثلاثة أقسام :

  • أما أن يكونوا أعداءً لشخص الناجح: فإن شخصية الناجح محبوبة لكثيرين منهم :
  • ذويه .
  • المقربين من الأصدقاء.

ج- المستفيدين من نجاحه.

د- الباحثون عن القدوة الحسنة.

هـ- المحايدون وذوي الانصاف .

وأيضاً شخصية الناجح تنال البغض والحقد لدى اعداء النجاح ، وهؤلاء لا يحدهم حد ولا يردعهم رادع ، موجودون في كل زمان ومكان ، يبغضون كل من تمكن من قلوب الناس وحلً فيها ، وذلك حين يرون انهم الأفضل ، ويعتقدون إنهم أكثر تفوقاً لكن الظروف لم تسمح لهم ولم تسعفهم الفرص ، مجرد اعتقادات وظنون ليس لها أثر على أرض الواقع ، شخصياتهم قلقة وغير متزنة ولا يتحلون بأي صفة نبيلة.

  • أو يكونوا أعداءً لنجاحه لا لشخصه : هناك عداء لا لشخصية الناجح بل لنجاحه ، وهنا العداء يتناسب طردياً ، فكلما إزداد الناجح نجاحاً وتفوقاً ، إزداد العداء له ، فتوضع العراقيل أمامه ، وتبث الشائعات حوله ، وتكثر التهم له ، ويتوغل الحاسد في البحث عن كل عيب أو خلل ليذيعه بين الناس ، فتكثر الأقاويل عنه ويعاب عليه كل شيء ، فيقال للمتفوق دراسياً “أنه معقد ” أو “أنه ضعيف شخصية” أو “أنه غير إجتماعي أو منطو” أو (أنه درّاخ “يحفظ ولا يفهم”) وهكذا.  
  • أو كلاهما معاً: نادراً ما يجتمع الحسد والبغض للناجح لشخصه ولنجاحه معاً ، وهنا لا رادع ولا حدود لما سيلقى من الحاسدين له والناقمين عليه!.

علي بن ابي طالب “ع” نال كلا الأمرين وأضاف اليهما أموراً أخرى لم يجتمعا في غيره:

  • عداء المحبين : هؤلاء ينصرفون في عدة محاور ، نكتفي بذكر ثلاثة منها فقط :
  • ثلة من محبيه ومريديه لكنهم وجدوا أنفسهم مع أعداءه ، كـ “شوذب” مثلاً ، وشوذب هذا ليس هو شوذب الشاكري الذي نال الشهادة مع الحسين “ع” وأصحابه (رض) ، لا بل هو شخص أخر ، كان من محبي الامام علي بن ابي طالب “ع” ، لكنه وجد نفسه مع أعداء علي “ع” ، فهو كان مسؤولاً عن بيت المال في الكوفة ولم يكن يتقن ممارسة أي عمل أخر فخشي ان يترك عمله الذي لا يجيد غيره محتفظاً بالولاء لعلي “ع” بقلبه ، لكن ولسوء طالعه لم يكن يجيد التورية فخسر التوفيق ، نظراً لأهمية قضيته وخطورتها أخرج مسلسلاً كاملا عنه بعنوان “الهوية الضائعة” .
  • أخرون من محبي علي بن ابي طالب “ع” وهنوا وانغمسوا في ملذات الدنيا وغرتهم الأماني ، ولم يتمكنوا من تنقية نفوسهم كما ينبغي ، فابتعدوا بما أبدعوا عن خط الأمام علي بن ابي طالب “ع” وحاولوا موازاة خطه معتمدين على شخوصهم وثقافتهم ، لكن خطوطهم تقاطعت مع خطه “ع” وتقطعت ، فهوت في الوديان السحيقة.  

ج- المحبون الحمقى: هم شريحة من محبي الإمام علي بن أبي طالب “ع” بسطاء ثقافياً ، متصلبي الرأي ، يقومون بإعمال بعيدة عن الدين إعتقاداً منهم إنها من الدين وستنال الرضا والمقبولية عند الإمام علي بن أبي طالب “ع” ولا تتقاطع مع طريقه ومسلكه لذا يقومون بها بحماس شديد وهمة عالية.

  • عداء من خارج الاسلام : هناك كثرة كاثرة من غير المسلمين ، ليسوا بمسلمين كي يهتموا لأمر الاسلام وشخصياته ورموزه ، لكن موقعهم الجغرافي أو مصالحهم تقتضي منهم الاحتكاك بالمسلمين ، بذا وجدوا أنفسهم أمام شخصية الأمام علي بن ابي طالب “ع” إكتشفوا إنهم أن أحبوها كان هذا نصراً وعزاً للإسلام ، هذا العملاق الذي طالما أرادوا أن يحجموه ويبيدوه ، وأن أظهروا له العداء وانتقدوا كل شيء فيه كان ذلك توهيناً للإسلام .
  • عداء النسب والقرابة: ومن أبرز مظاهر عداء الأقارب بنو أمية وبغضهم لبني عمومتهم بنو هاشم ، إزداد العداء شراسة بعد التبشير المحمدي بالاسلام ، وإزداد ضراوة بعد تولي الإمام علي بن أبي طالب “ع” امور الخلافة ، مع لحاظ إن أمية ربيب في هذه الأسرة وليس من صلبها.
  • عداء العرب: شارك الإمام علي بن أبي طالب “ع” في جميع معارك المسلمين عدا غزوة تبوك ، وبها جميعا كان “ع” منجل الحصاد ، ففي كل معركة يكون نصف القتلى أو أكثر من النصف بسيف علي “ع” ، حتى عرف فيما بعد بـ “قتّال العرب” ، كنتيجة بديهية سينال بغض العرب من ذوي القتلى وعشائرهم.
  • عداء المنافقين من داخل الإسلام: وهذا واضح وجلي الى درجة كان الصحابة يقولون “ إنا كنا لنعرف المنافقين ببغضهم علي ابن أبي طالب – صلوات الله عليه “.
  • عداء اليهود: اليهود بعد فتح خيبر على يد الإمام علي بن أبي طالب “ع” وقتله لمرحب الشخصية اليهودية المحبوبة والمعروفة بالشجاعة والبأس الشديد وقبله أخاه الحارث وتبعهم بفارسي يهود خيبر “ياسر وعامر” وغيرهما من مشاهير الفرسان ، ومن ثم فتح خيبر حصن اليهود الحصين ، فكان من البديهي أن يكسب الإمام علي بن أبي طالب “ع” عداوة اليهود ، تلك العداوة لن تتوقف عنده “ع” بل امتدت فيما بعد لولده وذريته .

كل هؤلاء وغيرهم كانوا ينتهجون منهج العداء للإمام علي بن أبي طالب “ع” ، وهذا لم يجمع في شخصية عبر التاريخ غير شخصه “ع” .

والأغرب من كل ذلك كان الإمام علي بن أبي طالب “ع” لا يحقد ولا يبغض أحداً منهم ولا من غيرهم ، وكان يتعامل معهم بالرفق واللين ويحملهم على ظاهر إسلامهم ، أو يعامل الناس عامة وفقاً الى رسالته الشهيرة لمالك الاشتر وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطإ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك ! وقد استكفاك أمرهم ، وابتلاك بهم

…. يتبع ان شاء الله

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *