حذاراً .. أيها الكونيّ

علّمتُ نفسي أنْ أقرأ بقلبي الذي يُمثّل عمق وجودي الحقيقيّ .. لا بعقليّ الظاهر فقط الذي يمثل ظاهري المجازي؛ كي أصل سرِّ آلوجود و أحقّق رسالتي الكونيّة, و ليس كما يقرأ النّاس بطرف عيونهم – هذا إنْ قرؤوا أو نظروا – و معظم القراآت لا تتعدى الأخبار و الحوادث التي تقع و تمرّ كل لحظة و ساعة و يوم و تُنسى .. أما القراءة الواعية الهادفة لا تنحصر فقط في الكتب و صفحات الكومبيوتر و لا بمكان أو حادث أو زمن معيّن .. بل لكل الزمكاني و إلى آخر المدى, لأنها تُعلّمك القواعد الفكرية و المعرفية التي تنتج الخيال الخصب لا الحشو و التراكمات .. كما هو حال معظم كتابنا للأسف و هي أساليب ألمُتخلفين ألغير المتحضرين في المجال المعرفي لإصابتهم بآلأميّة ألفكريّة و التكور على الذّات أو الحزب او آلعشيرة أو الفئة التي ينتمي لها .. حين زرت النجف بعد سقوط الصنم بحثت معظم مكتباتها الرئيسة كما بحثت قبلها في شارع المتنبي عن ما هو جديد .. و حين كنت أسأل صاحب المكتبات عن كتاب جديد مفيد صدر بعد موت الفكر في العراق بسبب البعث؟ كان يدلني على هذا الكتاب أو ذاك .. و حين كنت أقرأ المقدمة و صفحة من الوسط و الآخر و أتمعن في الفهرس؛ لا أرى أيّ جديد بحثه الكاتب .. فكنت أقول : أستاذي العزيز ,هذا الكتاب يشبه أو منسوخ من الكتاب الفلاني أو ذكره الفيلسوف أو الكاتب الفلاني بشكل مفصل تحت عنوان كذا و كذا .. و هكذا .. لم أرَ و لم أسمع ولم أشهد بأي كتاب طرح فكراً جديدا سوى مكررات و إجترارات, حتى قلت لبعضهم ؛ أ لا تعتقد بان هذا حرام و يؤدي للظلم و الفساد .. لأن عشرات الآلاف من الدولارات التي صرفها على طبعه كان الأولى أن يصرفها على الفقراء, لأنه لم يأتي بجديد و معظم الكتب التي رأيتها حتى بعد 2003م تفيد الاحداث لانها روايات و قصص لا تفيد سوى ألأطفال الأبتدائية, و ليس هذا فقط .. بل حتى الرسائل الجامعية!؟

إنّ ألقراءة الواقعية الواعية لحقائق الوجود و الفكر هي القراءة الكونيّة التي تستند إلى العقل و النصّ ؛ و تفيد في قراءة كلّ صورة و حدث للطبيعة و الوجود و المخلوقات و سبب وجودها و غاياتها و أسرارها حيث تحوي كل قضية منها بحوثاص و كُتباً و مقالات تحتاج ربما واحدة منها لكلّ العمر كي تقرأها و تهضمها و تفهمها سواءاً في الآفاق و الوجود أو الأنفس التي هي عوالم أكثر غرابة و تعقيداً من هذا الكون الوسيع!

و لكي تقرأ بقلبك – بأعماقك – و تخزن المعلومات المفيدة .. تحتاج كشف ماهية ألعلاقة؛ بين (القلب و العقل) أو (العقل الظاهر و آلعقل الباطن) أو (ألحواس و الضمير) و لهذا رأيتُ ما رأيت من الأسرار و المعارف حين تعلّمت تلك القراءة التي تعتمد لغة و قوانين ألقلب و الوجدان .. حتى صرّحتُ بها من خلال (فلسفتي الكونيّة ألعزيزيّة), و قلت:

[ألعقل الظاهر و إن كان يعي الأرقام و الحسابات المنطقية؛ لكنه لا يصل أبداً لوحده إلى سرّ الوجود], و لا بُدّ من عقل كليّ يرتبط بآلقلب الذي يمثل بصيرة الأنسان من جهة و بآلأصل من الجهة الأخرى.

و يدرك معنى آلصبر و الأستقامة و التحمل لأجل الوئام و المحبّة لحفظ كرامة الأنسان التي تُحفظ بحفظها ليس فقط حرمة الكعبة .. بل و الله حُرمة عرش الرّحمن؟

و بآلتأكيد تدركون ما معنى أنْ يهز عملٌ ذلك العرش العظيم, و ربما يعدّه أكثر الناس صغيراً حين يتسبب عمل معين بهزّ عرش الرحمن كآلطلاق و الزّنا و هتك الحرمات و الخيانة بحقّ المحسن و آلكبائر من الإثم .. و تعرفون ما هو (عرش الرّحمن) الذي لا يهزه كل قوى و جيوش و ملوك و رؤوساء العالم وقنابلهم ألذرية و النيتروجينية و لا حتى عقول و نوابغ آلخلق و الوجود و فنونهم لو إجتمعت و صارت بعضها لبعض ظهيراً؛ فلا يمكنها أن تؤثّر في ذلك, سوى (الطلاق) حتى قتل النفس لا يكون جرمهُ بمصاف ذلك, لأن الطلاق يدمر ألجّمال الذي يُقترن بـ(الحبّ) الذي هو أحد الاركان الثلاثة لسرّ وجود الخلق و هذا الوجود بجانب الركنين الآخرين و هما (ألعلم) و (عمل الخير)!؟

إنّه –  الطلاق – تلك آلمسألة ألمؤلمة للغاية بآلنسبة لله و أثره يمتدّ عبر آلآفاق و الوجود في معادلة مُعقّدة, تصل جذورها من حريم الحُرّيّة أو (الأختيار) ألأنسانيّ الذي وهبهُ صاحب العرش العظيم لبني آدم دون حتى الملائكة المقرّبيين لعرشه .. و ليس من حقّك أيّها الأنسان ألمتأدّب بأخلاق الله ولا من حقيّ أنا الحكيم و لا حتى من حقّ أكبر رئيس و ملك و حتى الله تعالى نفسه الذي أهداه لخلقه أن يتلاعب أو يؤثر أو يحجّم تلك الكرامة, لأنها الحرية و (الأختيار) الذي يميّز و يُلّون حياة المخلوق .. كل مخلوق خصوصاً الأنسان لأن (الأختيار) هو المعنى الآخر للكرامة (و كرّمنا بني آدم …) و لو فُقِد لأنتهى معنى الوجود الحقيقي للأنسان و ليس من حقّ أحد مهما مَلَكَ من أساليب القوة و التسلط و العنجهية أن يتكبّر أو يتحكّم بها أو يُحاول تحجيمها أو محوها أو مسّ صاحبها بغيبة أو بهتان أو أي نوع من التعدي, لأنها حقّ وجودي .. طبيعي أكرم الله به عباده و ميّزهم عن كل المخلوقات الأخرى, لكنك مع كل هذا ؛ تجد الناس اليوم ليس فقط يعتبرون الغيبة و النميمة و البهتان ضده جهاداً و ثقافة و نهجاً لهم؛ بل لا يتوانون حتى في قتله و محاصرته, بل الأتعس من ذلك ترى بعضهم يرمون فلذات أكبادهم في الشوارع و المزابل و البحر ليموتوا غرقاً, و قد وقعت حوادث عديدة في العراق الذي تكاثر فيه الظلم بإسم الإسلام و الدعوة و خدمة الوطن و الناس و تتكرر الجرائم كل يوم!

و لو ترى و تتأمل و تقرأ بعمق القرآن الكريم و حتى تواريخ الأنبياء و الأئمة : فأنّك لا تشهد حالة طلاق واحدة على أيديهم رغم إن بعض نساء الأنبياء كانت تأتي بآلكبائر كإمرأة لوط و زوجة الأمام الحسن(ع), و غيرهم كثير وتحملوا العناء و صبروا بل و إستشهدوا و لم يهزّوا عرش آلرّحمن, فحذاراً من ذلك .. و حرّي بكلّ مُؤمن الحفاظ على تلك الأمانة الكبرى التي ترتبط بعزّ و كرامة الله تعالى مباشرة.

 

قد يصعب على الكثيرين في العراق و العالم درك هذه النقطة ألجوهريّة و التي منها تنطلق آلمآسي في حال حصرها و تحطيمها أو العكس ينطلق آلخير و كل السعادة منها في حال إطلاقها و الحفاظ عليها .. لذلك فإنها حقاً تحتاج لوعيّ كونيّ و عمق و دراسات و عبادات و رياضات و أسفار عظيمة كونية لا أرضية للوصول لأسرارها التي معـها تُحلّ كل ألغاز الوجود أمام طالبيها!

 

و الفلسفة الكونية العزيزية هي آلضامنة لإرشادكم إلى طريق الخير و المحبة بدل الغيبة و النميمة و التفرقة للوصول إلى مدينة العشق الحقيقي دون كل العشوق المجازية, والتي تتكامل فيها كرامة الأنسان و يتمّ العودة للأصل الذي إنفصلنا عنه بآلجبر أو آلأختيار, و هو الأعلم.

محبتي لكم أيّها آلأعزاء ألكُرماء.

ألعارف الحكيم؛ عزيز الخزرجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *