قوله تعالى: (( قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ )) .أنّ معنى ربّ الناس في قوله أعلاه يختلف عن معنى إله الناس، وإلاّ لكان تكرار الاية بلا فائدة.
#الله : هو اسم دال على الذات الالهية ويحوي جميع الأسماء الحسنى، والصفات العليا، وهو مشتقٌّ من الألوهيّة، وهي العبودية، فالله هو المعبود جل جلاله
#الربُّ :هو المتصرف والمدبر في الكون وحده ولا شريك له بيده الخير وهو على كل شيء قدير وقد
يُطْلَقُ على المربي والقيِّم والمُنْعِم اذا أضيف.
ولا يُطْلَقُ على غيرِ المُضاف إلا على اللهِ تعالى كقوله {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (سبأ – 15)
… وإذا أُطلقَ على غيرِ الله أُضِيفَ، كربِّ الإسرة ورَبِّ الابلِ، ويُطلق أيضًا على السّيدِ المطاعِ، ومنه قولُه تعالى: ﴿ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 41]؛ أي: سيدَهُ المطاعَ.
فالربُّ سبحانه هو المتكفِّل بالخلائق أجمعين إيجادًا وإمدادًا ورعايةً وقيامًا على كلِّ نفسٍ .
كقوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [الرعد: 33].
وقد بين نبي الله موسى عليه السلام؛ وهو يوضح حقيقةَ الربوبية لفرعونَ لما سأله: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 49، 50].
فأن ربوبية الله عز وجل للأشياء غير منعزلة عن خلقه بعد الإيجاد، وأن بقاء الأشياء واستمرارها في الوجود محتاج إلى الله في كل حين وآن، كتأثير القوة الكهربائية في الضوء. فإن الضوء مفتقر في وجوده الى القوة الكهربائية التي تمده بتيارها، ولا يزال يفتقر في بقاء وجوده إلى مدد هذه القوة في كل حين، فإذا انفصل سلكه عن مصدر القوة، انعدم الضوء في ذلك الحين كأن لم يكن. وهكذا تستمد الأشياء وجميع الكائنات وجودها من خالقها في كل وقت من أوقات حدوثها وبقائها، وهي مفتقرة إلى مدده في كل حين وهذه هي ربوبية الله وخالقيته .وتختلف عن ربوبيةوخالقية غير الله للأشياء كالنجار يقيم كرسيا بصنعه، ثم يستغني الكرسي عنه، ويستمر وجوده وإن فنى صانعه.
وأن مشركي العرب قد كانوا مشركين في الربوبية، لكنهم موحدون في ألوهية، عكس ما زعم الوهابيون قالوا أن مشركي العرب لم يكفروا بتوحيد الربوبية لأن اتفاق جميع مشركي العرب في عهد الرسالة على مسألة أن هناك خالق واحد لهذا الكون وهو توحيد الخالقية بزعمهم أن من صفات الربوبية هو الخالقية
لقوله تعالى :{ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر….. }. وإنما كفروا
بالتوحيد في الألوهية فهو التوحيد في العبادة الذي يعنى منه أن لا يعبد سوى الله.
ولكن تسمية التوحيد الخالقي بالتوحيد الربوبي خطأ واشتباه.أن معنى ” الربوبية ” ليس هو الخالقية كما توهم الوهابيون، بل ما يفيد التدبير وإدارة العالم، وتصريف شؤونه ولم يكن هذا موضع اتفاق بين جميع المشركين والوثنيين في عهد الرسالة ، ولو كانت الخالقية من صفات الربوبية
لما وصف الله اليهود والنصارى بأنهم اتخذوا أحبارهم أربابا فلم يعتقد اليهود والنصارى ان الاحبار والرهبان كانوا يخلقون بل أعطوهم زمام التشريع واعتبروهم أصحاب سلطة وقدرة فيما يختص بالله.لذلك وصفهم الله :(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * (التوبة / 31).
وهذا ما أقره القرآن الكريم.
فان مشركي العرب كانوا يعتقدون بربوبيّة الاصنام بأنها هي التي ترزق وتضر وتنفع من دون الله ، وقال تعالى
:{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
فيقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه واله : (قل)، لهؤلاء العادلين بربهم، (وهو رب كل شيء)، أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وهو سيد كل شيء ومدبّره ومصلحه.
السيد مخلص ال شبيب