*الحب في الله وحب الغريزة*

الحب في الله وحب الغريزة يُشكّلان الدور الأساسي في التأثير في سلوك الإنسان وتصرّفاته سواء الجيدة منها أو السيئة، فيكونان حاضرين في المواقف ويشتركان في التأثير بها مع وجود صراع بينهما في اغلب الأحيان. كثيراً ما يُواجه الإنسان صراعاً داخلياً بينهما ، وغالباً ما ينتج عن هذا الصراع قرارات مصيرية قد تؤدي به إما إلى الانتصار وتحقيق النجاح، أو إلى الفشل والهزيمة. وهنا يظهر دور كل منهما في تحديد نتيجة هذا الصراع.فبالرغم من قوة العقل والمنطق احيانا في حسم القرارات إلا أنَّ الغرائز قد تكون أكثر قوة أحياناً، وخاصة في موضوع “الإقناع”، إذ أنها تعتبر القوة الوحيدة الفعّالة هنا
فحب الغريزة يأتي بدون اسباب لأنه لا قانون له . فإن الإنسان يحب ابنه حتى ولو كان قليل الذكاء أو صاحب عاهة، يحبه بغريزته ، ويحب عشيرته ويحب المال والجاه والسلطة بغريزته .
اما الحب في الله فهو الحب بالعقل وهو مقدم على حب الغريزة والحب في الله هو مدار التكليف
لان المكلف به شرعا هو حب الله، وليس الحب بالغريزة، وذلك لقوله تعالى:
(قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره ۗ والله لا يهدي القوم الفاسقين).
اي ايها المؤمنين: إن فَضَّلتم محبة الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات والأموال التي جمعتموها والتجارة التي تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التي أقمتم فيها على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب الله ونكاله بكم. والله لا يوفق الخارجين عن طاعته.
فالحب في الله هو كمال الإيمان، واذا كان الحب لغير الله مقدما على حب الله فهذا هو عين الشرك لقوله تعالى [وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ] فيجب إن يكون الحب في الله او تابع لمحبة الله، فإذا تمكنت محبة الله من قلب العبد المؤمن أوجبت تلك المحبة أن يحب ما يحبه الله ويبغض ما أبغضه الله ، فإذا أحب ما أحبه ربه كان ذلك الحب له وفيه، كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأولياءه وأهل البيت عليهم السلام لكونه تعالى يحبهم، وعلامة هذا الحب في الله ألا يحب من يبغضه الله ؛ لإحسانه إليه وخدمته له وقضاء حوائجه، والا يبغض من احبه الله.
وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين (1).
– وعنه (صلى الله عليه وآله): لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأهلي أحب إليه من أهله، وعترتي أحب إليه من عترته، وذريتي أحب إليه من ذريته (2).
– عنه (صلى الله عليه وآله): لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي إليه أعز من عترته، ويكون أهلي أحب إليه من أهله، وتكون ذاتي أحب إليه من ذاته (3).
قال الإمام الباقر (عليه السلام) – في قوله تعالى: * (فقد استمسك بالعروة الوثقى) * قال -: مودتنا أهل البيت (٤).

المصادر:
(١) كنز العمال: ٧٠، ٩٣.
(٢) كنز العمال: ٧٠، ٩٣.
(٣) علل الشرائع: ١٤٠ / ٣
٤-نور الثقلين
السيد مخلص ال شبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *