الامامة سر العدالة

يقول أبو الفتح الشهرستاني في مؤلفه الشهير “الملل والنحل” الجزء الاول ص/24: “ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية، كما سُلّ في موضوع الإمامة” ، وانا بدوري اسال من هم الذين سلوا سيوفهم على الامامة ؟ هل هم فقط من لا يعتقدون بالامامة ام معهم من هم ضمن الامامية ؟

الاختلاف في وجهات النظر امر طبيعي وهو على نوعين قد يختلفون على اصل الفكرة او يختلفون على طرق اثبات الفكرة ، والاختلاف الثاني اخطر من الاول لان اثبات الفكرة اذا كان طريقه ضعيف فانه يساهم في التشكيك في اصل الفكرة ، اي كما يقال ثبت الحجر ثم انقش .

نحن الامامية نؤمن بالامامة ولكن الاختلاف يكون بماهية الامامة وحدودها وصلاحياتها وكيفية اثباتها ، والحديث عنها تارة يكون نقلي وتارة فلسفي واخرى عقلي وحتى قانوني ، ولكن ليس بالضرورة ان يكون مثلا تعريف الامامة من قبل احد كبراء الشيعة هو حكم ولا يجوز ان تحيد عنه .

هنالك اثارات عجيبة تثار من قبل ابناء الملة والعجيب في اثارتهم انهم ينتقون ما لا يجمع عليه الامامية لكي يتفلسفوا للرد على هذه المفاهيم .

مثلا في كتاب عقائد الامامية بين الاصيل والدخيل تاليف محمد حسين ترحيني الصادر عن مركز الدراسات الفكرية في بيروت ، يقول في ص 416 :تعريف الامامة يقول الشيخ المفيد ( ان الامام هو الانسان الذي له رئاسة عامة في امور الدين والدنيا نيابة عن النبي (ص)) ، ونقل تعريف اخر على نفس المنوال .

اقول لاحظوا الخلط والتقاطع تعريف الامامة بينما يعرف الشيخ المفيد الامام ، ويعود المؤلف ليستشهد باية الامامة للنبي ابراهيم (ع) ليفند راي الشيخ المفيد باعتبار ان ابراهيم استحق الامامة ولم يكن الحاكم .

حسب راي المتواضع ومن خلال قراءتي للكتب في هذا المجال فاني ارى الامامة هي ملكة تشريعية تكون تشريعاتها عادلة ولا تقبل الخطا ، هذه الامامة التي هي محل خلاف بين كل المجتمعات ، فالامامة هي السلطة التشريعية بالدرجة الاولى وبقت بعد رسول الله (ص) وستبقى الى يوم الدين ، ولاننا نعيش الغيبة الكبرى فاننا نلجا الى الفقهاء ممن يغوصون في بحور علوم اهل البيت لاستنباط التشريعات التي قد تتوافق مع راي المعصوم وقد لا وبالنتيجة يبقى مرفا الامان لمن يريد النجاة من عذاب الله هم مراجعنا العدول ، اما من هم وماهي درجة الاطمئنان لهم وماهي منزلتهم فهذا من مسؤولية الانسان وليس فرض منهم  ـ اي المراجع ـ عليه ، وهنا تبدا مغالطات اخرى من قبل مؤلف نفس الكتاب انف الذكر ليرد على الغلاة ويعتمد قول بعض ممن لهم اراء  تخالف اراء فقهاء الامامية وقد نبه الى ذلك فقهاؤنا فمسالة ان تحشو كتابك بهكذا افكار رفضتها الامامية لا جدوى منها سوى التلاعب بعقل القارئ حتى يمكن خديعته .

نعم اشار الكتاب الى بعض الاحاديث والادعية الدخيلة على المذهب وقد سلط الضوء عليها مراجعنا ومحققونا العظام قبله وفي نفس الوقت هي ليست محل ابتلاء بين الجنة والنار .

نعود للامامة وتاكيدا على ما اعتقده انا فالامامة ملكة تشريعية يتصف بها انسان معين من الله عز وجل حتى يحقق العدالة بين خلق الله عز وجل وهذا الامر هو من اللطف الالهي حتى لا يدع لنا مجالا للاحتجاج على الله عز وجل فنقول كيف نلتزم باحكامك ولا يوجد من يستنبطها لنا .

الخوض في ايهما افضل الامامة ام النبوة امر لا يقبل الجدل فالنبوة اعلى منزلة من الامامة ، لان الامامة من صلب النبوة .

واما الحديث هل تكون للامام ولاية على البشر ؟ نعم للامام ولاية على البشر بارادتنا وقناعتنا لان الفطرة السليمة تتجه لمن يحقق لها العدالة ، فالامام غير ملزم ان يفرض ولايته بالسيف بدليل ان النبوة لم تفرض بالسيف ، ومسالة الولاية هل هي جعلية ام تكوينية ، فهذا بحث مهما اختلفوا فيه فالنتيجة الولاية للامام المعصوم امر عقلي ومنطقي ونقلي وفطري بعد القاء الحجة بكل اشكالها ، اما ان الذي لا يقتنع بالامامة لعدم كفاية الادلة حسب قناعته فهذا لا يكون مثل الذي يجحد الامامة بعد ثبوت الادلة عليه .

اليوم من هو المشرع في كل دول العالم ؟ هل هو شخص ام لجنة تسمى الشورى ؟ ام اصحاب الحل والعقد ؟ وليكن من يكن ، السؤال من منحهم هذه الصفة وماهي مؤهلاتهم ؟ هل اكتسبوها من غيرهم ؟ فلماذا لا يكون غيرهم هو المشرع ؟ ومن اختار مجلس الشورى . ان كان ديمقراطيا فهذا الغباء بعينه لان انتخاب المشرع لا يكون الا من يفهم بالتشريع .

امر اخر الم يعترف العالم بكثير من قوانينه الظالمة ؟ الم يغير الكثير من قوانينه بعد اعترافه بعدم تحقيقها للعدالة ؟ فما ذنب المظلوم بسببهم لاسيما انهم فرضوا عليه قانونهم .

وهنا نحن بدورنا نسال طوال حياة الائمة ومع اختلاف العصور هل وجد ممن يعتقد بانه يفقه بالتشريع حكما شرعيا صدر عن الائمة عليهم السلام فيه ثغرة خطا او لم يحقق العدالة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *