ألفساد في آلعراق و العالم له جذور تأريخية:

ألفساد و النهب لم يبدعه ألحكّام و رؤوساء أحزاب اليوم ألمتحاصصين  و إن حطموا بآلعمق مستقبل العراق و العراقيين ؛ بل هو منهج متوارث تأريخياً من آلآباء و آلأجداد (سعد بن أبي وقاص) أحدهم !

لمعرفة حقيقة و خفايا و أسرار أيّ شيئ و كما تؤكد المناهج العلمية خصوصاً بشأن الأحداث التأريخية و الوثائق و آلآثار أو نهج الحكومات و واقع الشعوب و سيرتها و حضارتها؛ يجب آلبحث  في جذور الأسباب التي أدّت لتحديد سلوكهم و تعاملهم و تقدمهم أو تخلّفهم, ثمّ دراسة أنعكاسات ذلك على ثقافة المحكومين و أحزابهم و رؤوسائهم و شيوخهم الذين نقلوا ذلك و سعوا لترسيخها و ترجمتها بفعل أو حركة أو نهضة أو فساد عبر الواقع كنتاج لتأريخهم و أخلاقهم و الثقافة التي تلفوها أو إكتسبوها من مربيةم و أحزأبهم و آلمدارس التي درسوا فيها, و هكذا باقي القضايا المتعلقة بشؤون الحياة و المعتقدات على جميع الصّعد, و من الأمور المصيرية المتعلقة بمستقبل العراق الغامض و الخطير جداً هي مسألة تقسيم الرئاسات و ألحصص و النهب و السلب بين رؤوساء الأحزاب و المسؤوليين ألمتحاصصين في الحكومة و آلبرلمان و آلقضاء و غيرها و إليكم السّر الذي أدى إلى نشر الفساد و الظلم:

لمّا جُمِعت غنائم ألمدائن العراقيّة في سنة 16 هـجريّة بعد حروب طاحنة و أحتلال عسكري، قسّمها (سعد بن ابي وقاص) بين الناس بعد أن خَمَّسها، فأصاب الفارس إثنا عشر ألفاً، و قسّم المنازل بين الناس، و أحضر العيالات فأنزلهم الدّور، فأقاموا في المدائن.

و أما في (جلولاء)؛ قام المسلمون بقتل مائة ألف عراقيّ، و قُسّمت الغنيمة و أصاب كلّ واحد من الفوارس تسعة آلاف و تسع من الدواب، و كانت الغنيمة ثلاثين ألف ألف, يعني 30 مليون، و بعث (سعد) الخُمس لعمر بن الخطاب, و هكذا تقاسم رؤوساء الأحزاب وقتها أموال الناس.

و بعد ذلك تمّ تقسيم غنائم (تكريت) و (الموصل)، فكان سهم (الفارس) ثلاثة آلاف درهم، و (الرّاجل) ألف درهم، و بعثوا بالخُمس لعمر أيضاً و هكذا تمّـت الصّفقة.

فلا عجب عندما نعلم ان الصحابي الجليل المجاهد الثائر المناضل (سعد بن ابي وقاص) كما أينائه اليوم حينما مات كان يملك قصراً بالعقيق على عشرة أميال من المدينة مع أموال طائلة قسّمها على مقرّبيه، و قد ترك مائتين و خمسين ألف درهم!

مع العلم أنّ (عمر بن الخطاب)(رض) إستقطع نصف ثروة (سعد) عندما عزله من ولاية العراق!
وكان (سعد) يقول : [لقد غزونا مع رسول الله و ما لنا طعام نأكله إلّا ورق (ألحبلة) وهذا (السّمر) (نوعان من شجر البادية)].

و هكذا تفعل حكومات اليوم ألظالمة, حيث كرّست الطبقيّة آلمقيتة بشكل قانونيّ وعرفيّ فتسبّبت تحطيم الشعوب و إذلالها,و المشكلة الكبرى هي الأفرازات التي تركتها تلك القوانين اللاإنسانية في عقول المسلمين للأسف؛ وعندما حكمَ (عليّ العدل) بعد تفاقم الأوضاع و إصرار المسلمين و إنتخابه؛ أراد أنْ يُطبّق نهج رسول الله(ص) بعد مرور أكثر من عقدين على شهادته(ص) لكن الأمّة لم تستسغ عدالته و إنصافه و تقواه و تساوي الناس في الحقوق و الرّواتب خصوصاً الصّحابة الكبار بينهم 33 بدرياً و بعض الأعيان و الشيوخ, و إعتبروا عدالته ظلماً لحقوقهم التي كانت سائدة سابقاً لأنّهم تربّوا على نهج آخر يُفرّق بين السّيد و العبد وبين قومية وأخرى وبين عشيرة و أخرى و رئيس حزب وآخر و قائد و موظف وكما يفعل ساسة اليوم بكلّ شهوة و غباء حتى بلغت الفوارق الحقوقية ذروتها.

لقد وصل الوضع الحالي في جميع بلاد العالم تقريباً حدّاً يُبشر بثورة و بإنقلاب كبير و تغيير أساسي يرافقه عنف و ربما إجراء محاكمات شعبية للحاكمين, هذا بعد عزوف الناخبين عن المؤسسات السياسية التقليدية في العالم، لكن السؤآل المطروح هو: هل من الممكن أن ينهض النظام الدّيمقراطيّ من دون أحزاب سياسية تقودها [المنظمة الأقتصادية العالمية] التي تشرف على منابع الطاقة و البنوك و الشركات الكبرى في العالم عبر الحكومات التي تُنفّذ سياستها بإتقان للحصول على الرواتب و العطيات الخاصة؟

في عام 1796، كال الرئيس الأمريكي جورج واشنطن الانتقادات للأحزاب السياسيّة لكونها أتاحت الفرصة لرجال “مخادعين و طموحين وبلا مبادئ لتقويض سلطة الشعب”, و ما أشبه اليوم بالبارحة، فمنذ بضعة أشهر تمّ طعن 147 عضوا جمهورياً بالكونغرس علناً في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكيّة السابقة والتي تسببت في إنتخاب ترامب العاهر, و هكذا في معظم الانتخابات التي حدثت حيث رافقتها إنتقادات و رفض من المشاركين, فقد أثار الكثير من الأمريكيين نفس المخاوف التي أعرب عنها جورج واشنطن, و حتى (كندي) الذي أراد جعل قضية العملة الأمريكية(الدولار) بيد الدولة لكن اللوبيّات الحزبية التي كانت مسيطرة على العملة إغتالته!

وهكذا هبطت شعبية الأحزاب السياسية بجميع أنواعها و ألوانها خصوصا الأسلامية بمرور الوقت, خصوصاً في الوضع الراهن إلى الحضيض، و تواجه ألأحزاب ألعلمانية في الدول المتطورة ومنها الدّيمقراطي والجمهوري في أمريكا هي الأخرى انتقادات واسعة، و هكذا بباقي بلدان العالم و منها العراق حيث تُواجه جميع الأحزاب و من قِبل جماهيرهم أيضاً و حتى أعضاء أحزابهم النقد و الرفض لا لأنهم لا يمثلون الشعب فحسب؛ بل أيضاً لأنهم أصبحوا يُلبّون مصالح النخبة السياسيّة المتحكمة فيهم بآلدّرجة الأولى كآلعبيد و التمييز الحقوقي و الطبقي و الأداري في الحقوق بين العمال و الموظفين و الرؤوساء والدّليل على ذلك أن نسبة متزايدة من الناخبين الأمريكيين، تعادل 38 في المئة في عام 2018م، ذكروا أنهم لا ينتمون لأيّ من الحزبين, وهذه النسبة الآن أكبر من نسبة الناخبين الذين يعتبرون أنفسهم إما جمهوريين أو ديمقراطيين, و هكذا بباقي البلدان حيث تدنّت إلى حدٍّ بعيد شعبيّة جميع الأحزاب من قبل مذاهبهم و جمهورهم و حتى أعضائهم رغم إن أكثرهم يستلمون الأموال و الرواتب بسببهم لذلك فأن انتخابات العراق القادمة ستشكل منعطفاً آخر ورفضا شعبياً لا مثيل له, ما لم تُستبدل الثقافة الحالية بثقافة كونية!؟
مشكلة الشعوب؛ أنّ أحزابها تُشيع بأنّ عدم دعمهم لفوزهم سيؤدي إلى مجيئ دكتاتور يقتلهم و ينهبهم أكثر فأكثر مثل صدام, و هذه إشاعات غير ممكنة في حال تماسك الشعب وإيمانه بفكر وثقافة (التوحيد) على أساس الفلسفة الكونيّة بدل ألحزبيّة الأرضيّة القائمة!

ع/ العارف الحكيم عزيز حميد مجيد : سيّد حسين الحُسيّني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *