ألسّمة آلمنهجيّة في الفلسفة الكونيّة:

هذا الكتاب الذي يبحث موضوعات أساسية تخص جوهر الحياة و الوجود و الأنسان: عبارة عن أربع مجلّدات لا تحوي قصصاً كثيرة بل قليلة جدّاً عن أسرار و مواقف العرفاء التأريخيّة الفريدة؛ لأنّ الهدف الرئيسي و الأكبر من تأليفه هو تقديم المناهج المعرفية بإطار الفلسفة الكونية .. فهدفه ليس إعطاء وجبة غذاء فكريّة على السريع لجوعان أو ولهان فقد بوصلة الحياة لكثرة الآراء و الروايات و المؤلفات التي أتعبت الناس و أضاعت عمرهم من غير فائدة جوهرية .. و كما أرادها الباري لنا .. ليرحل بعدها ثمَّ يجوع ثانيّةً و ثالثة ووو بعد ساعات يعود مرة أخرى بحثاً عن وجبة أخرى كما هو الحال مع (البطن) .. و هذا شأن معظم .. إن لم أقل كلّ القرّاء مع الكتب و المؤلفات وحتى الرسائل الجامعيّة إطلاقاً, لكونهم يبحثون في زاوية أو جانب علّميّ معيّن لموضوع معيّن لنيل درجة علميّة لأجل المعاش

أما مؤلفنا هذا كما غيره؛ فأنّ الهدف الأكبر منه كما في باقي مؤلّفاتنا هو رسم خرائط و مناهج للفكر و القيم والمُثل والنظريات الفلسفيّة للباحثين الأعزاء عن حقيقة و سرّ الوجود و آلهدف من وجود الأنسان من خلال البعد الكَوانتومي و ليس التقليدي .. و هذا عملٌ ليس بآلهيّن .. لأنه إبداع بل و فوق الأبداع بكثير .. و يحتاج لعقل كبير كي يستوعب هذا الأمر :

 

من هنا تأتي أهمّية المؤلفات التي كتبناها و سهرنا عليها سنوات عزيزة و أذبنا خلاصة قوتنا و زبدة أفكارنا و شبابنا و عمرنا حتى لا قينا الكثير من المحن و الغربة و الجوع و الملاحقة حتى من قبل المقرّبيين بسبب عمق الجهل في وجودهم .. كل ذلك لعرض (فلسفتنا الكونيّة ألعزيزية) لتزويد الناس بكلّ الخير بعد التسلح بآلفكر الكونيّ .. لأجل عاقبتنا و آخرتنا إن شاء الله.

أما عن الكتاب المعروض :
فقد كشفتْ وأكّدتْ فلسفتنا آلكونيّة كما ستشهدون في كل موضوع و فصل؛ بكون سعي آلأنسان نحو التكنولوجيّا و المظاهر الماديّة مهما كانت عبقريته و فتوحاته بدون تفعيل (العقل الباطن) و نظريّة (الكَوانتوم)(2)؛ لا ينفع و لا يكشف الكثير من مجهولات الوجود ولا يصل الأسرار الكونيّة ألعظمى التي تعتمد على روح الكون لديمومتها و تتجسّد عبر تناسب شكليّ ونسق هندسيّ و وجود ماديّ و قوة فاعلة و جّمال مُرهف وغرائز تربط مكوناتها آلدقيقة لتُحقّق غاياتها العظمى التي لا بُدّ من معرفتها ثمّ تصورها ثمّ إحساسها و لمسها و شمّها وإحتضانها بآلقلب و الرّوح للأستفادة المثلى منها, ولا نصل هذه العمق الوجودي إلّا بإحياء القلب و إيقاظ الرّوح التي بها نتواضع للحقيقة و للحُبّ و لخالق الحُبّ, الذي وحده يُحدّد ويُسَيّر الكون و يهدي آلأنسان – ألآدميّ ألّذي كرّمه الله تعالى, و إلّا فإنّ التكنولوجيا منفرداً و كما يقول (آلبرت آينشتاين) ستقضي على إنسانيتنا و سيحكمنا جيل من آلأغنياء ألممسوخين, يعني بإختصار: كلما تطورت التكنولوجيا تحطمت إنسانيتنا أكثر, فلا بُدّ من موازنة ألأمر ضمن الأسفار الكونية التي عرضناها في الأجزاء الأربعة!؟

لقد أشرنا في آلجزء ألأوّل من الأسفار؛ إلى وجوب تفعيل (ألعقل الباطن) لمعرفة كُنه الجّمال و ذلك التناسق و الأرتباط بين مكونات الوجود لمعرفة و عشق سرّ الأسرار ألمكنون فيها, و تبدء بمكونات ألذّرة ولا تنتهي بآلمجرّة ولا حتى بالثقوب السوداء بل ما وراء ذلك آلمجهول الذي لو عرفناه؛ لعرفنا الكون و الأنسان ولإرتقينا قمّة الكمال.

يقول (ماكس بلانك) في مقدمة كتابهأين يتّجه ألعلم: [من أجل معرفة حقيقة عالم ألطبيعة؛ لا يكفي ألمنطق ألجّاف ألمُجرّد, أو بحسب قول (فرانسيس بيكون): (ألعين ألعلميّة ألمجرّدة لا تكفي لخوض غمار ألعلوم و كشفها)؛ بلْ لا بُدّ من إمتلاك ألأحساس ألأنسانيّ الداخلي لمعرفة أسرارها ألّتي تختبئ خلف آلظواهر ألطبيعية ألخارجية ألتي إنشغل بها آلعلم دون آلنظر لبواطنها, حيث أنّ آلظواهر تختزن في وجودها حقيقةٌ عميقة و أبدية لا بدّ لعلم ألفيزياء أخذها بنظر ألأعتبار].

كما أنّ في كلام (أليكسيس كارل) ألّذي تفرّد بآلحصول على جائزة (نوبل) مرّتين بآلتوالي في كتابه (آخر دعاء)؛ إشارة واضحة وقويّة و بآلعمق إلى أهميّة ألجّمال و طغيانهُ في آلوجود و دوره آلأعجازيّ في توطين و إستقرار قلب ألأنسان و دفعه نحو عمل ألخير(3) و ألتّعمق في آلظواهر ألطبيعية؛ و يُضيف مؤكداً:[علينا أيضاً معرفة جمال ألعلم و جمال نفوسنا, و آلأستماع إلى كلام باسكال و ديكارت].

كما إنّ آخر كلام لـ (ماكس بلانك) كانَ:
[مكتوبٌ على رأس باب معبد ألعلم؛ إنّ آلذي يُريد آلتبحّر في آلعلوم لا بُد أن يكون مع آلأيمان].
و يُؤكّد تلك المفاهيم أيضاً ألمُعلم ألفيلسوف شريعتي .. ببيان أفصح و أقوم بقوله : [إنّني أوصي جميع أصدقائي و طلّابي بأنهم في آلوقت الذي يجب أن يكون كلّ همّهم هو إرتقاء مجتمعنا و وطننا, عليهم في الوقت نفسه إتّخاذ رسالة العلم و آلمعرفة كما وضّحها لنا (بيكون) عبر تأكيده على أهميّة تقوية آلأحساس ألعرفانيّ – يعني العقل الباطن – في وجود ألأنسان].,
و هذا الأمر لا يتحقق في وطننا ألعربي و آلأسلامي و العالم بسهولة .. رغم تطلع أبنائه ألمخلصين و سعيهم و مقاومتهم لضغوط الواقع؛ ما لم يُؤمن آلحُكّام بمكانة و دور ألمفكرين وعلى رأسهم الفلاسفة ودعمهم – إن وجدوا – من خلال تفعيل آلأسس الفكريّة و ألعلميّة و التكنولوجيّة للطاقة و الأنتاج الزراعي و الحيوانيّ لخدمة الناس عبر ألقوانين ألأداريّة و الدستوريّة و القضائيّة بما يتناسب و تحقيق حريّة و حركة الناس ألفطرية نحو المعشوق لضمان حقوق آلجميع بظلّ نظام عادل غير طبقاتي يتساوى ألجّميع فيه بالحقوق والواجبات و الفرص, و لا أعتقد بظهوره و تطبيقه الآن لضمان تلك الحدود و الحقوق؛ ما لم يُفعّل (فلسفة الفلسفة الكونيّة).
و الله المستعان و أملنا بآلمخلصين الواعيين كبير؟

العارف الحكيم عزيز حميد مجيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) للأطلاع على نظرية الفلسفة الكونية – الكوانتنومية المعرفية –  في موقع نور للكتاب .. عبر الرابط التالي:
https://www.noor-book.com/u/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A/books

(2) تعتبر ألتكنولوجيا في (نظرية المعرفة الكونيّة) منبعاً من بين عشرات المنابع لكشف و تقويم المعرفة, راجع كتاب[نعمة المعرفة فلسفيّاً]:
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%86%D8%B9%D9%85%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%87-%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%8A%D8%A7-pdf.
و إن معرفة (ميكانيكيا الكَوانتوم) هام للغاية .. لكنه يحتاج إلى عقل واسع ليرى دوره و أهميته في الفيزياء الحديثة و تطور الحياة و التحدي الفلسفيّ .. حيث يعتبر مجمع علم القياس الكمي و الجاذبية الكلاسيكية و تحويل كفاءة الكم و كثافة الحالات الكمية و كاشف الكفاءة و الكفاءة التفاضلية و التحليل الطيفي للأشعة النقية ذات الكم المضاعف, خلاصة الكوانتوم؛ هي ثورة على الفيزياء الكلاسيكية.
(3)
عمل الخير في الفلسفة الكونيّة, يعني: كل عمل خير يفيد الآخرين من دون أن يستفيد منه الفاعل, يعني يكون خالصاً لله بخدمة الآخرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *