بين الثلج والجمر… مسافة نَفَس

هنا، في أقصى الجنوب حيث يلفّ الشتاء الأرض بعباءته، تمتدّ أربعينية الحسين كجسرٍ من نار وسط صقيعٍ. تذوب الثلوج في وهج المواكب، ويذوب البرد في حرارة القلوب التي تحمل كربلاء في خطاها، حتى تبدو أستراليا -رغم بعدها – قريبة من تراب الضريح، تتنفس معه ذكرى الأربعين.

هنا، في أقصى الجنوب، يطوي الشتاء الأرض بعباءته الثقيلة،
والثلج يوشّح الطرقات بثوبٍ من صمت،
لكن في الدواخل… جمرٌ يتقد،
لا تحجبه الثلوج، ولا تخمده الرياح.

المطر يكتب على التراب رسائل لا تُقرأ،
كما كتبت الرمال يومًا دمًا لا يُمحى،
والريح تمرّ بين الأغصان العارية،
كما مرّت العيون الحزينة بين خيامٍ خالية.

ورغم برد الصقيع وأنفاس الريح،
تمتد مواسم النور في القلوب،
يمشي الناس كأنهم يحملون شمسًا خفية في صدورهم،
شمسًا لم تشرق من السماء، بل من جرحٍ حيّ في الذاكرة.

أربعون فجرًا مضت،
والخطى تعرف الطريق،
كأن الأرض تحفظ أثرها منذ أول دمعة،
وكأن المسافة بين الجنوب البعيد والمحراب
ليست إلا قدرَ نفسٍ واحد

هناك، حيث يختبئ الدفء في ترابٍ معطر بالخلود،
تذوب ثلوج الروح،
ويصير الشتاء ربيعًا لا يعرف الغياب.
الكاتب / ابو ألينا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *