العِصمة ولُزومُها للحُجّية

تعريف العصمة:
العِصمة هي لُطفٌ إلهيٌّ يَهَبُهُ اللهُ تعالى لحُجَجِه من أنبياءَ وأوصياء، فيَصونُهم به عن ارتكاب الذنب أو الوقوع في الخطأ، تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿فلله الحجة البالغة﴾.
ومن غير الممكن أن يجعل اللهُ حجّتَه على عباده مَن يقع في المعصية، لأن الله أمر بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر، ولا تُعقَل الطاعة المطلقة لمن يُحتمل خطؤه أو معصيته، إذ لا يُعبَدُ اللهُ من طريقِ معصيته.

ملازمة العصمة للحجّية:
فإنّ العصمة ملازمةٌ للحُجّية، إذ لا تتحقّق الحُجّة الإلهية إلا بالعصمة، لأنّ غير المعصوم لا يكون قوله وفعله وتشريعه حُجّةً تامّة على الخلق.

الدليل العقلي على الملازمة:
إنّ الغرض من إرسال الأنبياء وتنصيب الأئمة هو هداية الناس إلى الحقّ بأقوالٍ وأفعالٍ خاليةٍ من الخطأ والذنب. فلو جاز عليهم الخطأ أو الذنب، لانتفى الوثوق بما يبلّغونه عن الله، وسقطت حجّيتهم، وبطل الغرض الإلهي من بعثهم، وهو إتمام الحجة على العباد.
فثبت بالعقل أنّ العصمة شرطٌ ذاتيٌّ في مقام الحُجّية، لا تنفكّ عنها بحال.

الدليل النقلي:
وقد دلّ القرآن الكريم والسنة الشريفة على عصمة الحجج الإلهية في مواضع عديدة، منها:

قوله تعالى في حقّ النبي صلى الله عليه واله : ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى﴾ [النجم: 3–4].

وقوله تعالى في شأن أهل البيت عليهم السلام: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرًا﴾ [الأحزاب: 33].

وقوله تعالى: ﴿ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالًا مبينًا﴾ [الأحزاب: 36].

ومن أبرز الأحاديث الدالّة على العصمة قوله صلى الله عليه واله في حديث الثقلين المتواتر:

«إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتابَ الله وعترتي أهلَ بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدًا».

وهذا نصٌّ جليٌّ في عصمة الثقلين، لأنّ النبي صلى الله عليه واله جعل التمسّك بهما معًا ضمانًا لعدم الضلال إلى يوم القيامة، ولا يتحقّق ذلك إلا إذا كان كلاهما معصومًا من الخطأ والباطل. فالقرآن معصوم بنصّ قوله تعالى: ﴿لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه﴾، والعترة مطابقة له في الهداية والعصمة، لأنّهما لا يفترقان حتى يَرِدا على النبيّ الحوض، كما ورد في الحديث نفسه.

فثبت أنّ العصمة ملازمة للحجّية، وأنّ الثقلين حُجّة الله البالغة على عباده في كلّ زمان.
مخلص ال شبيب